ينهي عنه ، والتخيير في مثل ذلك على مقتضى القاعدة فليس في الرواية حكم جديد (١).
وهذا الإيراد قابل للدفع.
فإنه أولا ـ التخيير العملي في موارد الدوران بين المحذورين إنما ينتهى إليه فيما إذا لم يكن أصل حاكم ، كعموم فوقاني يثبت أحد الحكمين الإلزاميين أو أصل عملي منجّز له ، وإلاّ كانت النتيجة التعيين لا التخيير فيمكن أن يقال : مقتضى إطلاق الرواية لفرض وجود مرجع من هذا القبيل كون التخيير المذكور تخييراً في الحجية فيكون أمراً زائداً على مقتضى القاعدة.
وثانياً ـ ان أريد أن غاية ما يستفاد منها التخيير في الحجية في موارد الدوران بين المحذورين وهو ثابت في نفسه بحكم العقل ، فمن الواضح أن العقل لا يحكم إلاّ بالتخيير في مقام العمل لا التخيير في الحجية المساوق مع حجية ما يلزم به وتعيينه. وان أريد أن غاية ما يستفاد من السعة عدم المنجزيّة والعذر في مقام العمل ، فهذا لا يتوقف على أن يكون النّظر إلى فرض الدوران بين المحذورين ، بل هو إشكال آخر على الرواية حتى لو فرض إطلاق مفادها من حيث المورد ، لأنه يساوق البراءة الجارية في غير موارد الدوران بين محذورين أيضا. وهو مرتبط بما يستظهر من قوله عليهالسلام ، ( فهو في سعة حتى يلقاه ) من حيث كون المراد السعة في الأخذ بأحدهما في مقام العمل بالحجة أو مجرد الترخيص الظاهري في مقام الامتثال.
وثالثاً ـ أن التخيير في موارد الدوران بين المحذورين ـ عند من يقول به ـ إنما هو فيما إذا كان جنس الإلزام معلوماً ، فحمل التخيير في الرواية على التخيير العملي الثابت بمقتضى القاعدة في موارد الدوران بين المحذورين موقوف على افتراض ورودها في مورد العلم بجنس الإلزام ، مع أن السائل
__________________
(١) مصباح الأصول ، ص ٤٠٠.