أبي عَبدِ اللهِ عليهالسلام في رَكعَتَي الفجرِ في السّفَرِ ، فَرَوَى بَعضُهُم أن صَلّهِمَا في المَحمِلِ ، وَرَوَى بَعضُهُم لا تُصَلّهِمَا إلاّ عَلى الأرضِ ، فَأعلِمني كَيفَ تَصنَعُ أنتَ لأقتَدِي بِكَ في ذَلِكَ؟ فَوَقّعَ عليهالسلام : مُوَسّعٌ عَلَيكَ بِأيّةٍ عَمِلتَ » (١).
وفقرة الاستدلال منها قوله عليهالسلام ( موسع عليك بأية عملت ) الواضح في الدلالة على التخيير وإمكان العمل بكل من الحديثين المتعارضين.
ولكن يرد عليه.
أولا ـ ان الظاهر منها إرادة التوسعة والتخيير الواقعي لا التخيير الظاهري بين الحجيتين لظهور كل من سؤال الراوي وجواب الإمام عليهالسلام في ذلك. أما ظهور السؤال فلأنه مقتضى التنصيص من قبله على الحكم الّذي تعارض فيه الخبران الظاهر في استعلامه عن الحكم الواقعي. على أن قوله ( فاعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك ) كالصريح في أن السؤال عن الحكم الواقعي للمسألة. فيكون مقتضى التطابق بينه وبين الجواب كون النّظر في كلام الإمام عليهالسلام إلى ذلك أيضا ، إذ لا وجه لصرف النّظر مع تعيين الواقعة عن حكمها الواقعي إلى الحكم الظاهري العام.
وأما ظهور الجواب في التخيير الواقعي ، فباعتبار أنه المناسب مع حال الإمام عليهالسلام العارف بالأحكام الواقعية والمتصدي لبيانها فيما إذا كان السؤال عن واقعة معينة بالذات.
وثانياً ـ لو تنزلنا وافترضنا أن النّظر إلى مرحلة الحكم الظاهري والحجية ، مع ذلك لا يمكن أن يستفاد التخيير في حالات التعارض المستقر الّذي هو المقصود في المقام ، لأن موردها التعارض بين ما يأمر بالصلاة على الأرض
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ١٥ ـ من أبواب القبلة.