شرطاً لها في موارد التعارض. على أن الموافقة الالتزامية بأحد الدليلين التي تكون نوعاً من التشريع قبل حجية ذلك الدليل إنما يسمح بها في طول الحجية فكيف صارت الحجية في طولها. ويمكن تفادي هذه الاستغرابات بتبديل الشرط وجعله عبارة عن ما يختاره المكلف مع لزوم أحد الاختيارين عليه. كما يمكن فرض إعطاء أمر تشريع إحدى الحجيتين إلى المكلف نفسه ، فهو الّذي يجعل أحد الخبرين حجة لنفسه ، إلاّ أن هذا يستبطن أيضا غرابة تجويز التشريع وإعطائه بيد المكلف.
الجهة الثالثة ـ فيما يفتي به الفقيه في موارد التعارض. أما على القول بالتخيير في المسألة الفقهية فيتعين على الفقيه أن يفتي بنفس هذا التخيير كحكم تكليفي ظاهري.
وأما إذا قيل بالتخيير في المسألة الأصولية ، وفرض اختيار الفقيه لأحد الخبرين المتعارضين ، فهل يفتي المقلدين بالتخيير الأصولي أو يفتيهم بمفاد الخبر الّذي تعين عليه.
أما إفتاؤه بالتخيير الأصولي فلا محذور فيه عدا ما قد يتوهم من أن الأحكام الأصولية مختصة بالمجتهد ولا تثبت في حق المقلدين ، وقد أبطلنا هذا التوهم مفصلاً في مبحث حجية القطع من هذه البحوث.
وأما إفتاؤه بمفاد الخبر الّذي صار حجة في حقه ففيه جنبتان لا بد من ملاحظتهما.
الجنبة الأولى ـ كونه إخباراً منه بما أنزله الله وفرضه على عباده.
الجنبة الثانية ـ كونه حجة على المقلدين بحيث يتعين عليهم الالتزام به والسير على طبقه.
والجنبة الأولى من هاتين لا إشكال فيها بعد فرض حجية الخبر الّذي اختاره ، فيمكنه أن يخبر بمدلوله كحكم شرعي ، كما هو الحال في غير موارد