إذن فموضوع وجوب الوفاء بالنذر منتف ، وهذا بخلاف وجوب الحج فهو مقيد بعدم حكم مخالف له يمتاز بأنه ليس مقيداً بالقيد الّذي يجعل وجوب الحج صالحاً لرفعه. وهنا لا يوجد حكم كذلك ، فإن الحكم المخالف الموجود مقيد بالقيد المذكور ، فيكون موضوع وجوب الحج تاماً.
هذا كله ، لو فرض تقييد كل من الحكمين بعدم الحكم الآخر. وقد يفرض أن أحدهما يكون مقيداً بعدم الحكم المخالف ، لكن الآخر يكون مقيداً بعدم امتثال الحكم المخالف وفي مثل ذلك يتقدم الثاني على الأول بالورود ، باعتباره الأقل قيداً. وهذا وجه آخر من الوجوه الفنية لتقديم وجوب الوفاء بالنذر ، حيث يقال : إن دليل وجوب الوفاء بالنذر أخذ فيه عدم الحكم المخالف وأن لا يكون محلّلاً للحرام ، ودليل وجوب الحج أخذ فيه القدرة التي تشمل بعد توسيعها عدم اشتغال المكلف بامتثال حكم آخر. فإنه حينئذ يتقدم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر ، لاستحالة فعلية الثاني فإن فعليته قبل الاشتغال بامتثاله خلف فعلية الوجوب الآخر المستلزمة لارتفاعه ، وفعليته على تقدير امتثاله مستحيل أيضا ، لعدم معقولية تعليق وجوب شيء على امتثاله.
هذا ويمكنك بالتأمل استخراج أقسام أخرى للتوارد من كلا الطرفين.