العالم » وعرفنا بمخصص لبي أنه لا يريد « الفاسق » منهم ، وشك في عالم أنه مؤمن أو فاسق. حيث قد يطبق هذا المبنى على المقام فيقال علي أساسه ، بجواز التمسك بإطلاق الخطاب لنفي كون الاشتغال بالآخر مصداقاً للاشتغال بالواجب المساوي أو الأهم لأن المخصص في المقام لبي أيضا.
المبني الثاني ـ ما اخترناه نحن في مباحث العام والخاصّ ، من جواز التمسك بالعامّ في الشبهة المصداقية إذا كانت شبهة حكمية في نفسها ، بحيث يكون من شأن المولى بما هو مولى الاطلاع عليها بخلاف الشبهة في موضوع خارجي نسبته إلى المولى والعبد على حد سواء. فيقال : إن المقام من قبيل الأول لا الثاني ، لأن فرض اشتمال ما يشتغل به المكلف من الواجبين المتزاحمين على ملاك أهم أو مساو أو مرجوح شبهة حكمية يرجع فيها إلى المولى وليس موضوعاً خارجياً بحتاً ، كما في الشك في عدالة زيد أو فسقه. فيمكن أن يتمسك فيها بإطلاق الخطاب.
والجواب عن هذا الاعتراض : أنه لا يمكن تطبيق شيء من هذين المبنيين على المقام ، لأنه لو فرض تماميّتهما في أنفسهما ـ وهذا بحث موكول إلى محله ـ ولم يفرق فيهما بين العموم والإطلاق ـ كما نفرق نحن في المبنى الثاني ـ فلا شك في عدم تماميتهما في المخصصات اللبية الارتكازية التي تعتبر بمثابة القرينة المتصلة بالخطاب ، إذ في مثل ذلك يكون العام مجملاً على أقل تقدير ، لأن اقترانه بذلك الارتكاز البديهي يكون من الاقتران بما يصلح للقرينية ، فلا يبقى له ظهور في الإطلاق ليرجع إليه على أحد المبنيين السابقين. والمقيد اللبي المدعى في المقام من هذا القبيل ، فإن ملاك هذا التقييد المتقدم شرحه مطلب بديهي عرفاً ولو إجمالاً.
وهكذا يتضح : أن كلاّ من الخطابين المتزاحمين ليس في دليله إطلاق ينافي إطلاق دليل الخطاب الآخر ، وهو معنى خروج باب التزاحم عن باب التعارض الحقيقي. كما يتضح أن كلاّ منهما في فرض المساواة ، أو أحدهما في فرض التفاضل وارد بامتثاله على الآخر ورافع لموضوعه ، وهو معنى دخول التزاحم في الورود.