ولو ابتاع المملوك المأذون أمة واستبرأها كفى ذلك في حق المولى لو أراد وطأها مع فرض العلم أو إخبار العبد به وكان ثقة ، إذ المعتبر من الاستبراء ترك وطئها في المدة كيفما اتفق ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون على المملوك دين وقضاه أولا ، خلافا لما عن الشافعي من وجوب الاستبراء مع قضاء الدين ، وهو كما ترى.
وإذا كاتب الإنسان أمته حرم عليه وطؤها لما تسمعه في باب الكتابة. فإن انفسخت الكتابة للعجز مثلا حلت له ولا يجب عليه الاستبراء ما لم يكن وطء محترم بلا خلاف أجده بيننا ، بل عن الخلاف الإجماع عليه ، وإن كان يحرم عليه وطؤها بالكتابة ، إلا أن ذلك لا يقتضي وجوبه الدائر على تملك شخص آخر لها محتمل الوطء ، فأصل البراءة من الاستبراء سالم عن المعارض ، خلافا للمحكي عن بعض العامة تنزيلا لحرمة الاستمتاع بها بالكتابة منزلة الانتقال ، وفسخ الكتابة منزلة العود إلى الملك ، وهو قياس في قياس.
وكذا لو ارتد المولى أو المملوكة عن ملة ثم عاد المرتد منهما إلى الإسلام لم يجب الاستبراء وإن حرم عليه الوطء حال الارتداد ، لمثل ما عرفت في الكتابة ، نعم لو بيعت عليه ممن يجب الاستبراء منه ثم عادت إليه بشراء مثلا ، أو وطأها غيره وطءا محترما ولو لشبهة ، أو كان الارتداد عن فطرة وقلنا بقبول توبته على وجه يملك المال بها جديدا ، وفرض عودها إليه من الوارث الذي يستبرأ منه بشراء ونحوه وجب الاستبراء ، كما هو واضح.
ولو طلقت الأمة بعد الدخول بها لم يجز للمولى الوطء إلا بعد الاعتداد وإن لم تنتقل عن ملكه بلا خلاف ولا إشكال. ولكن تكفي العدة عن الاستبراء للمولى الأول ، للأصل وظهور النصوص (١) في جواز وطئها له بعد الفراغ من العدة ، بل وللثاني المشتري لها في العدة ، لذلك أيضا ، خلافا للمحكي عن المبسوط والسرائر في الأخير ، بناء على أنهما حكمان لمكلفين لا يتداخلان ،
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب العدد.