الذي سمعته من المسالك ففيه أن حرف العطف يغني في العقود وغيرها ، ولذا لا يحتاج إلى تكرير الإيجاب في المبيع المتعدد ، وليس ذلك من الكناية في شيء ، ثم إن قوله : « ويتجه » لا يخلو من نظر ، ضرورة رجوعه إلى الترديد بين الصحيح والباطل ، ولا يتصور صحة الكلى بالنسبة إليهما بحيث يحتاج إلى التعيين ، فالمتجه حينئذ البطلان فيهما أو الصحة في خصوص الفرد الصحيح فتأمل جيدا ، والله العالم.
ولو قال : « هذه طالق أو هذه وهذه » طلقت الثالثة يقينا عند الشيخ ، لأنها معطوفة على المفهوم من الترديد ، وهو إحداهما المتعلق به الطلاق كذلك وإن لم يكن مذكورا في اللفظ ، فيبقى الترديد بين فرديه.
وحينئذ يعين من شاء من الأولى أو الثانية بناء على أن له ذلك ولو مات استخرجت واحدة منهما بالقرعة بناء على شمول دليلها لمثله ولم نقل بقيام الوارث مقامه في ذلك ، فيكتب رقعتان ويستخرج إحداهما.
وربما قيل والقائل ابن إدريس بالاحتمال في الأولى والأخيرتين جميعا لأن الثالثة معطوفة على سابقتها التي هي أولى من غيرها في ذلك مع فرض الصلاحية فيكون له أن يعين للطلاق الأولى أو الأخيرتين معا فان مات استخرج بالقرعة برقعتين إحداهما للأولى والثانية للأخيرتين ، لأن الفرض كون الترديد كذلك ، ولعله أولى من الأول بمقتضى قواعد العربية من حيث اللفظ نفسه ، لأن بناء البحث على ذلك ، وإلا فمع العلم بقصده لا إشكال حتى لو أراد العطف على الأولى أو غيره.
وبذلك يظهر لك المراد مما في المسالك من جعل محل النزاع صورة سرد العبارة من غير قصد ، ضرورة عدم إمكان خلوه عن القصد في الفرض ، اللهم إلا أن يفرض إرادة ما يقتضيه دلالة اللفظ ، لكنه كما ترى.
وكيف كان فـ ( الإشكال في الكل ينشأ من عدم تعيين المطلقة ) ، وفي القواعد إن كلا من القولين محتمل ، ولا ترجيح لأحدهما على الأخر.