قوة ، لأن ابتداءها هو القائم مقام اللفظ ، وإنما تعلم النية بإقراره ، ولو شك فالأصل عدمها ، وحينئذ فتكون الكتابة كالكناية ، ومن ثم ردها الأصحاب مطلقا اطرادا للقاعدة ، مع أنهم نقضوها في مواضع كما ترى ، ولا فرق في الغائب بين البعيد بمسافة القصر وعدمه ، مع احتمال شموله للغائب عن المجلس ، لعموم النص (١) والأقوى اعتبار الغيبة عرفا ، ولتكن الكتابة للكلام المعتبر في صحة الطلاق ، كقوله : « فلانة طالق » أو يكتب إليها « أنت طالق » ولو علقه بشرط كقوله : « إذا قرأت كتابي فأنت طالق » فكتعليق اللفظ إلى غير ذلك مما ذكره العامة مفرعين له على أصلهم الفاسد.
والأصحاب إنما ردوا عليهم الكنايات القولية فضلا عن الفعلية ، ولولا النهي عن اللغو في الكلام لأمكن مناقشتهم في كثير مما ذكروه من هذه الفروع على ذلك الأصل الفاسد ، والله أعلم بحقيقة الحال.
وعلى كل حال فـ ( لو قال ) « أنت خلية من الزوج » أو « برية منه » أو « حبلك على غاربك » أو « ألحقى بأهلك » أو « بائن » أو « حرام » أو « بتة » أي مقطوعة الزوجية أو « بتلة » أي متروكة النكاح أو « لا أنده سربك » أو « اغربى عني » أي غيبي ، أو « اغربى » أى تباعدى ، أو « اذهبي » أو « أخرجي » أو « ترجعى كأس الفراق » أو « ذوقى مرارته » أو « كلي زاده » أو « اشربي شرابه » أو غير ذلك من ألفاظ الكناية التي ذكرها العامة في كتبهم أمثلة للظاهر منها والخفي لم يكن شيئا عندنا سواء نوى الطلاق بها أو لم ينوه بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى النصوص (٢) السابقة الحاصرة للطلاق بما سمعت والمصرحة بعدم وقوع الطلاق بأمثال ذلك.
وخلافا لهم ، فجوزها وقوع الطلاق بها مع مقارنة النية لجميع اللفظ كما
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٣.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ و ١٥ ـ من أبواب مقدمات الطلاق.