في قول ، ولأوله سواء استمرت إلى آخره أولا في آخر ، بخلاف ما إذا تقدمت عليه أو تأخرت عنه ، نعم لو اقترنت بآخره وجهان ، كما أن القولين لهم في أن أولها « أنت » أو الباء من « بائن » إلى غير ذلك من خرافاتهم التي تمجها الأسماع ، لأنها من وحي الشياطين ( بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) ، وكان اعتبارهم النية هنا للفرق عندهم بين صريح اللفظ وكنايته ، فلم يعتبروا النية في الأول ، فجوزوه من السكران والهازل بخلاف الثاني ، فاعتبروا فيه النية على الوجه المزبور.
أو يقال : إن الصريح لا اشتراك فيه بين معنى الطلاق وغيره ، بخلاف الكنائي فإنه مشترك بين معنيين ، فلا بد من قصد المعنى الطلاقي منه بخلاف الأول ، وفيه أنه لا صريح في الطلاق على وجه لا يحتمل غيره حتى « أنت طالق » المحتمل للإنشاء والإخبار ، ومنه حل الوثاق وغيره.
أو يقال : إن المراد عدم اعتبار العلم بحصول النية في الحكم بالطلاق إذا كان بالصريح ، بخلاف الكنائي فإنه لا بد من العلم بذلك بتصريح منه أو بغيره من قرائن الأحوال ، أو غير ذلك مما لا حاجة لنا في تحقيقه بعد أن عرفت عدم الوقوع بالكناية عندنا ، بل وبالصريح مع عدم القصد إلى الطلاق به وإن أطنب بعض الناس هنا في ذلك.
وكيف كان فقد بان لك من جميع ما ذكرنا أنه لو قال : « اعتدى » ونوى به الطلاق أو استبرئى رحمك لم يكن شيئا ، لما سمعته من الأدلة السابقة ، مضافا إلى الإجماع في الانتصار ومحكي الخلاف عليه بالخصوص ، وإلى أنه من الكناية بل الخفي منها الذي قد عرفت الإجماع وغيره على عدم الطلاق به ، نعم قد ذكره العامة في ألفاظ كناية الطلاق ، حتى صرح بعضهم بوقوعه به وإن كان غير مدخول بها.
ولكن قيل والقائل محمد بن أبي حمزة والإسكافي منا يصح الطلاق بقول : « اعتدى » بل عن الطاطري أنه الذي أجمع عليه وهي رواية الحلبي (١)
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الطلاق الحديث ٤.