نعم بناء على ما عند العامة من وقوع الثلاث بدون استثناء يحكم بصحة الاستثناء مع مراعاة قواعده المشهورة ، فيبطل المستغرق ويبقى الثلاث ، ويصح غير المستغرق كواحدة بقول : « إلا اثنتين » واثنين بقول : « إلا واحدة ».
هذا وفي المسالك « قول المصنف : « إن نوى بالأول الطلاق » لا خصوصية له بهذه المسألة ، لأن القصد معتبر في جميع الصيغ ، وليس هذا كالكناية المفتقرة إلى نية زائدة كما سبق ، بل هي من الألفاظ الصريحة ، نعم اعتبر القائلون بصحة الاستثناء أن يكون قصده مقترنا بأول اللفظ ، فلو بدا له الاستثناء بعد تمام المستثنى منه لم يؤثر الاستثناء ، لوقوعه بعد لحوق الطلاق فيلغو ».
قلت : يمكن أن يكون الوجه في تقييد المصنف الحكم بالبطلان مع الاستثناء ـ وإن قلنا بالواحدة بدونه ـ إذا كان قد قصد من أول الأمر بذلك عدم الطلاق وإن أداه بالعبارة المزبورة التي يمكن دعوى ظهورها في ذلك ، باعتبار كون الاستثناء بيانا للمراد بالمستثنى منه ، فمع فرض استغراقه يرجع إلى إرادة عدم قصد الطلاق بالمستثنى منه ، ولا يقدح في ذلك كون الاستثناء لاغيا ، إذ لغويته لا تنافي دلالته على المعنى المزبور ، كما لا تنافي ذلك الحكم في الإقرار بلزوم المستثنى منه ، وبطلان الاستثناء في مثله للدليل أو لقاعدة عدم سماع الإنكار بعد الإقرار الذي منه المفروض ، مع قاعدة صون كلام العاقل عن الهذيان ، على أن معنى الإقرار قابل لإلحاق الاستثناء به ، لأنه إخبار ، بخلاف الإنشاء الذي يتبع ترتب أثره التلفظ بالصيغة المقصود معناها ، ومنه يمكن القول بالبطلان بقول : « أنت طالق طلقة إلا طلقة ».
كل ذلك مع قطع النظر عن دعوى ظهور أدلة الحصر في غير ذلك ، وأن الطلاق الصحيح هو قول : « أنت طالق » مجردة عن قصد أمر زائد على قصد طبيعة الطلاق بها الذي يلزمه وقوع الواحدة بها ، نحو باقي الطبائع ، وأن الحكم بالواحدة بقول : « أنت طالق ثلاثا » للإجماع المحكي وغيره مما عرفته سابقا ، وحينئذ يتجه البطلان من رأس في الفرض ، إلا مع فرض قصد الطلاق بقوله « أنت طالق »