كبير تمس الحاجة ويعم به البلوى ، فكم قد رأينا ومن لم نره أكثر من شخص صائم قائم مجتهد في عباداته ولو سئل عن مسألة واحدة مما يجب للباري سبحانه وتعالى وما يستحيل عليه أو في شيء من أبواب النبوة لم يجب بحرف واحد ، فهل يكون هذا مقبول العبادة مؤمنا أم لا. أوضح لنا جميع هذه المسائل كفاك الله شر الغوائل.
الجواب لا يجوز التقليد في أصول الايمان ، لان الله تعالى ذم في كتابه العزيز التقليد في عدة مواضع. والعقل أيضا دال عليه ، فان العامي اما أن يكلف للمصيب ولاي شخص اتفق ، والثاني باطل فان الآراء مختلفة والاعتقادات متعددة وليس تقليد أحدهم أولى من تقليد غيره اما أن يجب تقليد أحدهم وهو المطلوب أو تقليد الكل وهو محال أو تقليد من اتفق وهو خطأ إذ لا أولوية فيه فتعين الأول لكن لا يعلم المقلد اصابة من يقلده إلا إذا علم أن اعتقاده حق ، وانما يعلم ذلك بالأدلة لا بقوله والا لزم الدور. وإذا كان الواجب عليه اعتقاد من يعلم صدقه بالدليل وجب عليه النظر ويحرم عليه التقليد ، وهو المطلوب ، فمن قلد في أصل الإيمان فليس بمؤمن ولا يستحق ثوابا.
والقدر الذي يجب اعتقاده بالنظر والفكر هو جميع أصول الإيمان : من التوحيد المشتمل على معرفة الله تعالى وما يجب له وما يمتنع عليه ، والعدل المشتمل على معرفة أفعال الله تعالى وما يجب عليها من اللطف والتكليف وأشباهها ، ولا يلزم من العجز عن البعض في أجوبة المسائل عدم علمهم ، فقد يعلم العامي ما يعجز عن التعبير عنه. ومثل هذه المسائل الأصولية قل أن يخلو أحد من العقلاء منها بأسرها ، وقد يحتاج في كثير منها الى التنبيه والتمثيل.
تم القسم الأول من المسائل وجوابها بحمد الله وتوفيقه.