هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه أمر جبرئيل أن يقطع قطعة من الجبل على قدر معسكرهم ورفعها فوق رءوسهم ، وقيل لهم ان لم تفعلوا ما أمرتكم والا أطبقت عليكم ، حتى أنهم كانوا إذا سجدوا سجدوا على أحد الجانبين لاحظوا الجبل بالعين الأخرى خوفا من وقوعه عليهم ، ومن ثم استمرت اليهود في سجودها على هذه الصفة ، ولا شيء أبلغ من هذا الإلجاء ، فبأي شيء يجيب أصحابنا عن هذه الآية ويتأولونها به.
الجواب لا منافاة بين الآية وبين قول المعتزلة ، لان المعتزلة يوجبون التكليف والإحسان ، وتظليل الجبل عليهم لم يكن وقت التكليف بل بعده وامتناعهم عن فعل ما يكلفونه وقصدوا النبي صلىاللهعليهوآله بالأذى والمحاربة له ولأصحابه ، ولم يكن ذلك التكليف إلجاء ولا كرها.
مسألة (٢)
ما يقول سيدنا في قوله تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) (١) فقد جاء في التفسير أن الله سبحانه أخرج ذرية آدم من صلبه كالذر وأخذ عليهم العهد والميثاق بما يجب عليهم من المعارف ثم أعادهم الى صلبه عليهالسلام ، حتى قال بعض المتصوفة أن لذة ذلك الخطاب في أذني الان.
وروى العامة أن عمر بن الخطاب حج في خلافته واستلم الحجر ثم قال : اني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولو لا أني رأيت رسول الله صلى الله
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٧٢ ـ ١٧٣.