إلى المسألة التي لم ينص عليها بطريق الأولوية والمشاهدة ، يقول الخصم هذا قياس وأنتم لا تقولون به ، فمولانا متعنا الله بحياته بين لنا ذلك غاية الإيضاح بذكر الأدلة وصور الأمثلة ، وليبسط في ذلك فان هذه مسألة تكثر إليها الحاجة وتعظم بيانها الفائدة لجميع هذه الطائفة. أبقاك الله للذب عنها.
الجواب أدلة الأحكام عندنا منحصرة في كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوآله المتواترة المنقولة عنه أو أحد الأئمة عليهمالسلام المعصومين بالآحاد مع سلامة السند والإجماع ودليل العقل كالبراءة الأصلية والاستصحاب والاحتياط ، ولما اشترك الكتاب والسنة والخبر في كونها دالة بمنطوقها تارة وبمفهومها أخرى انقسمت الأدلة السمعية إلى هذين القسمين. والمفهوم قسمان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة ، وكانت هذه الأدلة كافية في استنباط الأحكام.
ودل العقل على امتناع العمل بالقياس على ما يبين في كتب الأصول ، ونعني بالقياس إثبات الحكم في هذه الصورة لأجل ثبوته في صورة أخرى ، ويعتمد أربعة أركان : الأصل وهو الذي ثبت الحكم فيه بدليل من نص أو غيره ، والفرع وهو الذي يطلب إثبات مثل ذلك الحكم فيه والحكم الذي يدعى ثبوته في الفرع بثبوته في الأصل ، والعلة وهي الجامع بين الأصل والفرع لمناسبة للحكم كما تقول « الخمر حرام فالنبيذ حرام » بالقياس عليه والجامع هو الإسكار فالخمر هو الأصل والنبيذ هو الفرع والحكم هو التحريم والجامع هو الإسكار وهو العلة المقتضية لثبوت الحكم فيهما.
إذا عرفت هذا فتقول : هذا القياس ان كان منصوص العلة وجب العمل به ، ولا يكون ذلك قياسا في الحقيقة بل إثبات الحكم في الفرع بالنص ، كما في قوله « ص » لما سئل عن بيع الرطب بالتمر : أينقص إذا جف؟ قالوا : نعم.
قال : فلا. إذا دل على أن المقتضي للمنع هو اليبوسة الموجبة للنقص ، فيعم