الآخر له بضمان لا مجّانا وبلا عوض ، ولذلك لو كانت المعاملة صحيحة كان كلّ واحد منهما ضامنا للمسمّى حسب إقدامه والتزامه ، فالبائع مثلا يكون ضامنا للمبيع المسمّى بمعنى أنه في عهدته ويجب عليه تفريغ ما في ذمّته بإعطاء المبيع المسمى في العقد للمشتري ، وكذلك الأمر في طرف المشتري.
واستشكل على هذا الوجه أوّلا بأنّ إقدام المتعاملين على أن يكون أخذ مال صاحبه وإن كان مبنيّا على أن يكون بعوض أي ما هو المسمّى في العقد من الطرفين ، ولكن كان هذا الإقدام والالتزام بالمسمّى ـ والمفروض عدم إمضاء الشارع ما التزما به وأقدما عليه ـ وهو أن يكون أخذ كلّ واحد منهما مال صاحبه بالعوض المسمّى ، فضمان كلّ واحد منهما لمال الآخر إذا تلف ولم يكن إتلاف في البين يحتاج إلى دليل آخر غير الإقدام ، لعدم إقدامهما على ضمان المثل والقيمة.
ثانيا : أنّه ما الدليل على أنّ إقدامه هذا ملزم له على ضمانه بالمثل أو القيمة ، فإنّ ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) ليس في البين ، لأنّ المفروض فساد العقد وعدم إلزام من طرف الشارع على الوفاء بهذه المعاملة والعقد ، فلو فرضنا أنّه أقدم على أصل الضمان وعينه في المسمّى والشارع لم يمض لزوم إعطاء المسمّى مع التزامه هو بذلك وقلنا إنّ التزامه بأصل الضمان باق ، غاية الأمر لم يلزمه الشارع بإعطاء تلك الخصوصيّة وجوّز له عدم إعطائه لها لكن عليه العمل على طبق إقدامه فيما عدا تلك الخصوصية ، فيبقى السؤال ـ بعد التسليم على أنّ إقدامه على أصل الضمان غير الإقدام على الخصوصيّة ، وهناك إقدامان ـ عن أنّه ما هو الملزم لوجوب العمل على طبق هذا الإقدام.
وبعبارة أخرى : إنّ هذا التزام ابتدائي لا يجب العمل به تكليفا ، ولا يوجب اشتغال الذمّة والعهدة وضعا الذي يسمّى بالضمان.
وإن شئت قلت : إنّ الالتزامات التي تقع بين الناس بصورة المعاوضة والمبادلة إن
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.