أمضاها الشارع وحكم بلزوم الوفاء بها فيجب الوفاء ، وإلاّ فهو مخيّر بين الوفاء بها وبين عدم الوفاء إن لم تكن المعاملة والوفاء بها محرّما ، وإلاّ فإن كان محرّما شرعا كبيع الخمر أو البيع الربوي فلا يجوز الوفاء به ، والمفروض في المقام فساد العقد والمعاملة وعدم إمضاء الشارع لها ، فلا قيمة لهذا الالتزام والإقدام.
ولكن يمكن أن يقال : إن العقلاء بناؤهم في أبواب معاملاتهم على أنّه إذا أخذ شيئا من الطرف بعنوان أن يعطي بدله وعوضه فإن تراضيا على عوض معين وسمياه ـ وهو الذي نسمّيه بالمسمّى ـ فإن تعذّر ذلك المسمّى فيرون المأخوذ مضمونا على الأخذ بالضمان الواقعي ، أي المثل أو القيمة. فلو تلف المأخوذ في يده يرونه ضامنا ، فإذا حكم الشارع بفساد معاملة وعدم لزوم أداء المسمّى لذلك الآخر فيرونه ضامنا بالضمان الواقعي ، ولم يصدر ردع عن هذا البناء ، فيكون ضمان المقبوض بالعقد الفاسد إذا تلف عند القابض على القاعدة ، ودليله بناء العقلاء مع عدم ردع الشارع الذي هو كاشف عن الإمضاء. فهذا يكون دليلا خامسا لهذه القاعدة.
وحاصل الكلام أنّ بناء العقلاء في معاملاتهم على أنّ الذي يأخذ ويقبض مال الغير بعنوان المعاوضة والمبادلة بإعطائه له ما يساويه ـ وإن كان الأخذ بهذا القصد في المعاملة غير الصحيحة عندهم لفقد ما هو مانع عندهم ـ لا يذهب ما أخذه هدرا ولا يكون مجّانا ، بل يرونه ضامنا لما أخذ ومشغولا ذمّته بما قبض. نعم حيث أنّ المعاملة الكذائية باطلة عندهم فلا يرون ذمّته مشغولة بالمسمّى.
وأما أصل اشتغال ذمّته وكون ضمان ما قبض على عهدته فشيء مفروغ عنه ، ولعلّ نظر شيخ الطائفة (١) أبو جعفر الطوسي قدس سرّه في استدلاله للضمان في المقبوض بالعقد الفاسد وأمثاله من المتقدمين بأنّه أقدم على الأخذ والقبض بالضمان إلى ما قلناه ، وإلاّ فهذا الكلام بظاهره ظاهر الخلل.
__________________
(١) انظر : « المبسوط » ج ٣ ، ص ٦٤.