استوفى تلك المنافع أم لم يستوفها.
لا يقال : تلك المنافع غير المستوفاة لم تقع تحت اليد كي يكون ضامنها ضمان اليد ، ولا استوفاها كي يكون ضمان الاستيفاء لقاعدة احترام مال المؤمن ، ولا العقد صحيح كي يكون ضمان المسمّى بواسطة لزوم الوفاء بالعقد ، فبأي وجه يكون ضامنا للمنافع غير المستوفاة.
لأنّا نقول : الضمان ضمان اليد ، لأنّ اليد على العين يد على المنافع لأنه لا شكّ في أنّ المراد من اليد ليس هي الجارحة المخصوصة حتّى يقال إنّ المنافع غير المستوفاة معدومة فكيف تقع تلك الأشياء المعدومة تحت الجارحة المخصوصة ، بل المراد من اليد هو الاستيلاء ، ولا شكّ في أنّ المستولي على العين المستأجرة مستول على منافعه الموجودة وغير الموجودة التي يمكن استيفاؤها.
هذا كلّه بالنسبة إلى المنافع ، وأمّا بالنسبة إلى نفس العين فالأقوال فيها مختلفة ، وبعضهم قالوا بالضمان مع عدم الضمان في الصحيح منها لو تلفت العين المستأجرة بدون تعدّ وتفريط ، لأنّها أمانة مالكيّة سلّمها إلى المستأجر لاستيفاء حقّه من تلك العين ، ويجب على الموجر التسليم للزوم الوفاء بالعقد ، فيد المستأجر في الإجارة الصحيحة يد مأذونة من قبل المالك ، ويد استحقاق لا يوجب الضمان. وأمّا في الفاسدة فليست يد مأذونة واستحقاق ، بل تسليمها إلى المستأجر ليس إلاّ من جهة تخيّل الموجر استحقاقه وهو في الواقع ليس بمستحق ، فتكون يده يد غصب وعدوان فيضمن المقبوض.
ونسب هذا القول في الرياض إلى جمع الفائدة للأردبيلي مدّعيا أنّه المفهوم من كلمات الأصحاب (١) ، فبناء على هذا يكون هذا نقضا على الكليّة السلبية ، أي جملة « ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده » لأنّ الإجارة الصحيحة لا يضمن فيها العين
__________________
(١) راجع : « رياض المسائل » ج ٢ ، ص ٨.