بالتلف السماوي بدون تعدّ وتفريط مع أنّه في فاسدها ضمان بناء على هذا القول.
وبعض آخر قالوا بعدم الضمان. وبه صرّح العلاّمة قدس سرّه في التذكرة (١) ، وأيضا في جامع المقاصد استظهر القول بعدم الضمان من كلمات الأصحاب حيث قال في باب الغصب : إنّ الذي يلوح من كلامهم هو عدم ضمان العين المستأجرة فاسدة. لكنّه هو نفسه قال : والذي ينساق إليه النظر هو الضمان ، لأنّ التصرّف فيه حرام لأنّه غصب فيضمنه (٢).
والتحقيق في هذا المقام هو أن يقال : إن كانت العين داخلة في مصبّ الإجارة فلا ضمان ، لا في صحيحها ولا في فاسدها ، وذلك أمّا في صحيحها فمن جهة أنّ مالك العين المستأجرة يلزم عليه تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر ، فتكون يد المستأجر يد مأذونة من قبل المالك ويد استحقاق ، فلا موجب للضمان وهو واضح. وأمّا في فاسدها فمن جهة أنّ العين حيث أنّها مصبّ الإجارة فدخل المالك على عدم الضمان بهذا الاستيلاء.
وقد عرفت أنّ إقدام المالك على تسليم ماله إلى الطرف بعنوان عدم الضمان يوجب عدم تأثير اليد في الضمان ، بل يوجب تخصيصه أو تخصّصه.
وأمّا إن لم تكن داخلة في مصبّ الإجارة بمعنى أنّ الإجارة تتعلّق بالمنفعة لا بالعين ، ففي الصحيح منها وإن كان أيضا لا ضمان بالنسبة إلى العين من جهة أنّ استيفاء المنفعة حيث أنّه متوقّف على تسليم العين في مثل إجارة الدار للسكنى والدكان للاشتغال فيه ، فيجب على المؤجر إعطائها وتسليمها إلى المستأجر من باب كونه مقدّمة لتسليم المنفعة إليه ، حيث أنّه بدونه لا يمكن ، فليس يد المستأجر القابض يد ضامن.
ولكن عدم الضمان ليس من جهة أنّ هذا العقد ليس فيه ضمان حتّى يقال في فاسده أيضا لا ضمان بحكم الكليّة الثانية ، أي الكلية السلبية ، لأنّه أمر خارج عن
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ٢ ، ص ٣١٨.
(٢) « جامع المقاصد » ج ١ ، ص ٢١٦.