القيميات.
وإن شئت قلت : إن في موارد اليد غير المأذونة ـ لا من قبل المالك ولا من قبل الشارع ـ كل مال وقع تحت اليد اعتبره الشارع في ذمة ذي اليد وفي عهدته. وهذا الأمر الاعتباري ثابت في ذمته وعهدته ، لا يرتفع إلا بأداء نفس المال الذي أخذه ما دام نفس المال موجودا ، وبعد تلفه أيضا ذلك الأمر الاعتباري ثابت وباق في عالم الاعتبار التشريعي ، ولا يرتفع إلا بأداء مثله في المثليات ، وقيمته في القيميات.
واما وجه هذه الأمور : فذكرنا جملة منها في بعض مباحث قاعدة اليد ، (١) وتفصيله مذكور في الفقه في كتاب الغصب ، وفي مسألة المقبوض بالعقد الفاسد في كتاب البيع.
واما المراد من « الأمين » هو ان يكون مال الغير في يده بإذن من المالك أو من الله ، من غير خيانة له بالنسبة إلى ذلك المال من فعل أو ترك يوجب تلفه أو نقصا فيه.
فبهذا المعنى إن صدر منه تعد أو تفريط بالنسبة إلى ذلك المال يخرج عن كونه أمينا ، فعدم التعدي والتفريط مأخوذان في حقيقة الأمين ، والاستثناء في القاعدة مستدرك ، لأنه إذا صدر عنه التعدي أو التفريط فهو خائن وليس بأمين ، فإنهما ضدان.
فالائتمان عبارة عن تسليم ماله أو شيء آخر إليه ، واثقا منه بعدم خيانته في حفظه ، اي يثق به انه لا يفعل فعلا يضر بذلك المال أو ذلك الشيء ، ومثل هذا الفعل هو التعدي. وأيضا يثق به انه لا يترك امرا وفعلا يكون ترك ذلك الفعل أو ذلك الأمر موجبا لضياعه وتلفه ، أو لورود نقص عليه ، وهذا هو التفريط.
وبناء على هذا يكون الائتمان مقابل الاتهام ، اي الظن بأنه يخون أو خان فعلا.
ويشير إلى هذا المعنى روايتا قرب الإسناد المقدم ذكرهما : « ليس لك ان تتهم من قد ائتمنته ».
__________________
(١) « القواعد الفقهية » ج ١ ، ص ١٧٧.