و « ليس لك ان تأتمن من خانك ، ولا تتهم من ائتمنت ».
فالأمين هو الموثوق به عرفا في إعطاء ماله له ، بحيث يكون عنده محفوظا إلى ان يرده الى صاحبه.
وهذا الإعطاء قد يكون لمصلحة المالك ، وقد يكون لمصلحة الآخذ. فالأول كالوديعة وما يشبهها.
فالوديعة عبارة عن إيداع ماله أو شيء آخر عند شخص لوثوقه به ، لكي يسترده فيما بعد.
فالأمين هو الذي يثق المودع به في إيداع ماله عنده ، ولذلك كانوا في الجاهلية يخاطبون نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم بـ « الأمين » قبل بعثته صلىاللهعليهوآلهوسلم ويودعون عنده الودائع لوثوق جميع الناس به.
واما تصرفات الأمين في المال الذي عنده الغير المأذون في تلك التصرفات فتكون موجبة للضمان ، ولو لم تكن موجبة لتلف المال ، بل كانت موجبة لازدياد قيمته بل وعينه ، من جهة خروج اليد عن كونها مأذونة ، فتكون من قبيل الغصب ، وتدخل تحت قاعدة المعروفة « وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه » ، وذلك لأن الخارج عنها هي اليد المأذونة.
واما المراد من « التعدي » و « التفريط » اللذان يوجبان الضمان ، ثمَّ استثنائهما عن قاعدة عدم ضمان الأمين : فلم يرد دليل شرعي لهذين العنوانين كي نتكلم في مفهوم التعدي والتفريط من حيث موضوعيتهما للحكم الشرعي.
بل الذي يستفاد من الأدلة ، والموارد التي حكم الشارع فيها بالضمان كمورد صحيحة أبي ولاد (١) وغيرها ، هو إما خروج ذي اليد عن كونه مأذونا في ذلك الفعل
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٩٠ ، باب الرجل يكتري الدابة فيجاوز الحد ... ، ح ٦ ، « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص