أو الترك الذي يصدر عنه بالنسبة إلى ذلك المال ، فإذا كان كذلك فمقتضى قاعدة على اليد هو الضمان ، لأن الخارج عنها هي اليد المأذونة ، والمفروض انها غير مأذونة. وإما صدور فعل أو ترك من ذي اليد على مال الغير بحيث يوجب إتلاف ذلك المال ، فإن الإتلاف سبب مستقل للضمان ، ولا ربط له بقاعدة على اليد.
فإذا كان التعدي والتفريط سببا لخروج اليد عن كونها مأذونه ، أو كانا سببين لإتلاف المال ، فيكونان موجبين للضمان لما ذكرنا.
وما ذكرنا مناسب للمعنى العرفي لهذين اللفظين وذلك لأن المتفاهم العرفي من التعدي هو التجاوز ، ولا شك ان المؤتمن إذا تجاوز عما اذن له في فعل بالنسبة إلى ذلك المال أو ترك فيخرج عن كونه مأذونا ، فلو تلف ذلك المال يكون ضامنا.
وهذا الأمر صريح صحيحة أبي ولاد ، لأنه اكترى البغل إلى مكان معين ، فتجاوز عما اذن له إلى مكان آخر ، ولذا حكم ـ عليهالسلام ـ بضمانه لو تلف البغل.
والمتفاهم العرفي من التفريط هو التضييع ، ولا شك في ان تضييع مال الغير عبارة أخرى عن إتلافه ، أو إيجاد نقص أو عيب فيه ، وكل ذلك من أسباب الضمان. فالإفراط مثل التعدي عبارة عن التجاوز ، والتفريط عبارة عن التضييع.
ولعل هذا المعنى هو المراد من قوله عليهالسلام : « الجاهل إما مفرط أو مفرط » (١). أي إما متجاوز عن الحد أو مضيع.
ثمَّ إن الأمانة بالمعنى الذي تقدم ، وهو ان يكون المال عنده بإذن صاحبه ، أو من يكون إذنه معتبرا كإذن صاحبه ، من كونه وكيلا عنه ، أو وليا عليه.
فهذا الإذن قد يكون من قبل المالك فيسمى بـ « الأمانة المالكية ». والإذن من قبل
__________________
٢١٥ ، ح ٩٤٣ ، باب الإجارات ، ح ٢٥ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٣٤ ، ح ٤٨٣ ، باب من اكترى دابة إلى موضع فجاز ذلك الموضع ... ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ، ج ١٣ ، ص ٢٥٥ ، أبواب الأحكام الإجارة ، باب ١٧ ، ح ١ ، وج ١٧ ، ص ٣١٣ ، أبواب الغصب ، باب ٧ ، ح ١.
(١) « نهج البلاغة » ص ٤٧٩ ، الحكمة ٧٠ : « لا ترى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا ».