فقد ظهر ممّا ذكرنا أنّ هذه الرواية مجملة لا تدلّ على قول المشهور ، ولا على ما حكي عن الفقيه وعن السيّد من البناء على الأقلّ.
ومنها : رواية العلاء قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل صلّى ركعتين وشكّ في الثالثة؟ قال عليهالسلام : « يبني على اليقين ، فإذا فرغ تشهد وقام قائما فصلّى ركعة بفاتحة الكتاب » (١) بناء على أنّ المراد من البناء على اليقين هو البناء على الأقلّ ، لأنّه هو المتيقّن.
ولكن أنت خبير بأنّه ينفي هذا الاحتمال قوله عليهالسلام : « فإذا فرغ تشهّد وقام قائما فصلّى ركعة بفاتحة الكتاب » لأنّ هذا ظاهر في صلاة الاحتياط أوّلا لتعيينه عليهالسلام فاتحة الكتاب في القراءة ، وثانيا بقرينة قوله عليهالسلام « فإذا فرغ تشهّد » لظهور هذا التشهّد في التشهّد الثاني ، أي ما هو في الركعة الرابعة ، فأمره عليهالسلام ـ بعد هذا التشهّد بالقيام وصلاة ركعة بفاتحة الكتاب ـ صريح في صلاة الاحتياط ، لأنّه لا مورد للركعة الموصولة بعد التشهّد الثاني كما هو واضح. وصلاة الاحتياط ركعة واحدة في مفروض المسألة لا يلائم إلاّ على البناء على الأكثر.
هذا ، مضافا إلى أنّ مصطلح الأخبار هو تسمية البناء على الأكثر بالبناء على اليقين ، فهذه الرواية أيضا لا تدلّ على البناء على الأقلّ كما توهّم.
ومنها : صحيحة عبيد عن أبي عبد الله عليهالسلام عن رجل لم يدر ركعتين صلّى أم ثلاثا؟ قال عليهالسلام : « يعيد ». قلت : أليس يقال : لا يعيد الصلاة فقيه »؟ فقال عليهالسلام : « إنّما ذلك في الثلاث والأربع » (٢).
وبعد ما عرفت من الإجماع والروايات على عدم وجوب الإعادة وعدم بطلان
__________________
(١) « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣١٩ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ٩ ، ح ٢ ، « قرب الإسناد » ص ٣٠ ، ح ٩٩.
(٢) « تهذيب الأحكام » ج ٢ ، ص ١٩٣ ، ح ٧٦٠ ، باب أحكام السهو في الصلاة ... ، ح ٦١ ، « الاستبصار » ج ١ ، ص ٣٧٥ ، ح ١٤٢٤ ، باب من شكّ فلا يدري صلّى اثنتين أو ثلاثا ، ح ٢ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٢٠ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ٩ ، ح ٣.