الصلاة بالشكّ بين الاثنتين والثلاث إذا كان بعد إكمال السجدتين ، فلا بدّ من حمل هذه الصحيحة على وقوع الشكّ المذكور قبل إكمال السجدتين.
وأمّا الاستدلال للبناء على الأقلّ بموثّقة إسحاق بن عمّار ، عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام قال : « إذا شككت فابن على اليقين » قال : قلت : هذا أصل؟ قال : « نعم » (١). وبما هو بهذا المضمون من البناء على اليقين في أخبار كثيرة ، فالظاهر أنّه ليس المراد من البناء على اليقين البناء على القدر المتيقّن الذي هو الأقلّ ، بل المراد اليقين بالامتثال الذي هو البناء على الأكثر والإتيان بصلاة الاحتياط إتماما لما ظنّه من النقصان.
وقد عبّر في الأخبار عن هذا بالبناء على اليقين ، كما في خبر قرب الإسناد في رجل صلّى ركعتين وشكّ في الثالثة؟ قال : « يبني على اليقين فإذا فرغ تشهّد وقام وصلّى ركعة بفاتحة الكتاب ».
وأنت خبير بأنّ قوله عليهالسلام وقام وصلّى ركعة بفاتحة الكتاب » المراد به صلاة الاحتياط ، وعدم ذكر التسليم بعد قوله عليهالسلام « فإذا فرغ وتشهّد » للنكتة التي نبّهنا عليها وهي الإيهام للتقيّة وصلاة الاحتياط معناها البناء على الأكثر ، فعبّر عن البناء على الأكثر بالبناء على اليقين ، أي اليقين بالامتثال.
والحاصل : أنّ هذه الطائفة من الروايات إن لم تكن دليلا على البناء على الأكثر فليست دليلا على البناء على الأقلّ.
وأمّا سائر الروايات التي ظاهرها البناء على الأقلّ ـ على تقدير وجودها وعدم الإشكال في دلالتها ـ لا بدّ من طرحها ، أو تأويلها بضرب من التأويل ، لإعراض الأصحاب عنها ، بل انعقاد الإجماع على خلافها ، إذ لم ينقل الخلاف إلاّ عن السيّد والصدوق ـ قدسسرهما ـ في الناصريّات (٢) وفي الفقيه (٣) ، على إشكال في الأوّل ، إذ
__________________
(١) « الفقيه » ج ١ ، ص ٣٥١ ، باب أحكام السهو في الصلاة ، ح ١٠٢٥ ، « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٨١ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ٨ ، ح ٢.
(٢) « الناصريات » ضمن الجوامع الفقهية ، ص ٢٣٧.
(٣) حكى عنهما في « مدارك الأحكام » ج ٤ ، ص ٢٥٦.