لأنّ ذلك مقتضى إطلاق قوله عليهالسلام : « وأتمّ ما ظننت أنّك نقصت » (١) ، وخصوصا قوله عليهالسلام في موثّقة الأخرى للعمّار : « إذا سهوت فابن على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنّك نقصت » (٢). فأمره عليهالسلام بالقيام وصلاة الاحتياط بعد الفراغ والتسليم للصلاة الأصليّة له ظهور تامّ في أنّ صلاة الاحتياط لا بدّ وأن تكون عن قيام.
وظاهر هذه الروايات الخاصّة بل صريح جميعها هو كونها ركعتين من جلوس ، ومقتضى الجمع الدلالي العرفي بين الطائفتين هو التخيير. مضافا إلى ادّعاء الإجماع من بعض في المسألة والشهرة المحقّقة ، لأنّه لا مخالف من القدماء إلاّ العمّاني والجعفي.
نعم الأحوط هو الأخذ في مقام العمل بركعتين من جلوس خروجا عن خلاف العمّاني والجعفي ، ولأنّ الروايات الواردة في نفس المسألة أغلبها ـ إن لم يكن جميعها ـ مفادها تعيين ركعتين من جلوس.
ولو احتاط بالجمع فالأحوط تقديم ركعتين من جلوس ، لأنّه بناء على تعيّن ركعتين من جلوس الذي احتماله ليس بعيدا فإن قدّم الركعة من قيام يكون فاصلا بين الصلاة الأصليّة وبين صلاة الاحتياط ، وهذا لا يجوز.
وأمّا القائلون بالتخيير بين البناء على الأقلّ والأكثر ، كالصدوق (٣) من القدماء وبعض المتأخّرين ، فاستدلّوا بأخبار الاستصحاب وقالوا بأنّ مقتضاها هو البناء على الأقلّ ، ومقتضى موثّقات عمّار وهذه الأخبار الخاصّة هو البناء على الأكثر ، فمقتضى الجمع العرفي بين الطائفتين هو التخيير.
ولكن أنت خبير بأنّ هذه الأخبار بل وموثّقات عمّار أخصّ من أخبار الاستصحاب فتخصّص بها أخبار الاستصحاب ، ولا موجب لرفع اليد عن ظهور
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٨٣ و ١٨٤.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٨٤ ، رقم (١).
(٣) حكى عنه في « مختلف الشيعة » ج ٢ ، ص ٣٨٤.