وذلك من جهة أنّ المراد من الوهم لا بدّ وأن يكون هو الظنّ ، أي : المحتمل الراجح ، لأنّ العلم أوّلا لا يعبّر عنه بالوهم ، وثانيا حجّية العلم ذاتي ومعلوم ، فلا يحتاج إلى التفصيل.
ولا يمكن أن يكون المراد هو الشكّ المتساوي الطرفين ، لأنه موضوع التفصيل والسؤال والوهم بمعنى مرجوحيّة المحتمل لا يناسب هذا التفصيل الظاهر من المنطوق والمفهوم قطعا ، فلا بدّ وأن يكون المراد منه الظنّ وهو يناسب المقام وهذا التفصيل ، لأنّ معنى الصحيحة وما يحصل منها بناء على هذا هو أنّه إن كان الشكّ والترديد متساوي الطرفين ، ولم يحصل ترجيح لأحد المحتملين فتجب الإعادة. وأمّا إن كان أحد المحتملين مظنونا ، وحصل ترجيحه على الطرف الآخر فلا تجب الإعادة ، بل يبني على ما ظنّه ، وهذا عين حجية الظنّ في عدد الركعات ، لأنّ متعلّق عدم الدراية هو عدد الركعات في المنطوق ، والمفهوم تابع له في الموضوع والمورد ، فهذه الصحيحة لا إطلاق لها يشمل حجّية الظنّ في الأفعال.
ومنها : خبر عبد الرحمن بن سيابة ، وأبي العباس : « إذا لم تدر ثلاثا صلّيت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلّم وانصرف ، وإن اعتدل وهمك فانصرف وصلى ركعتين وأنت جالس » (١).
ولا شكّ في أنّ قوله عليهالسلام : « ووقع رأيك على الثلاث » وهكذا قوله عليهالسلام : « وإن وقع رأيك على الأربع » المراد بوقوع الرأي على الثلاث ووقوع الرأي على الأربع هو الظنّ لا العلم ، بقرينة قوله عليهالسلام مقابل هذين القسمين « وإن اعتدل وهمك » لأنّ مقابل الاعتدال ، عدم الاعتدال ، وعدم الاعتدال حسب المتفاهم العرفي هو عبارة عن ترجيح أحد الطرفين لا البتّ في طرف.
فلو كان وقوع الرأي قابلا في حدّ نفسه لانطباقه على العلم ، ولكن بهذه القرينة
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٨ ، رقم (١).