ففكّ القيد عن الظبي المقيّد عادة سبب لأن يشرد ويتلف ولو بلحوقه إلى البرية فيصير حاله حال سائر الظباء الموجودة في البرّ فاعتبار الملكيّة فيها لغو. وهكذا فتح القفص عن الطائر الوحشي ، وهكذا فكّ القيد عن العبد المجنون يوجب شروده ، وهو يوجب تلفه عادة ولم يتوسّط بين فعله والتلف في الموارد الثلاثة فعل فاعل عاقل متعمّد عن اختيار ، لأنّ الدابّة والطائر حال عدم عقلهما معلوم ، والثالث ـ أي المجنون ـ كون فعله عن عقل خلاف الفرض.
نعم لو كان العبد المقيّد الذي فكّ القيد عنه عاقلا فلا ضمان ، لأنه توسط بين فعله ـ أي فكّ القيد عنه وتلفه ـ فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار ، فيكون هو بنفسه مباشرا لإتلاف نفسه ، وذلك مثل أن فكّ القيد عنه فألقى نفسه عن عمد واختيار عن السطح فمات.
ومنها : أيضا في الشرائع لو فتح بابا على مال فسرق ، أو أزال القيد عن عبد عاقل فأبق ، وكذا لو دلّ السارق على مال فسرق فلا ضمان في الجميع ، (١) لأنّ في جميع هذه الصور توسّط بين فعله والتلف فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار ، فهو المباشر في الإتلاف ، ومعه لا يسند التلف إلى السبب البعيد.
نعم هو بفتح الباب إن كان ملتفتا إلى أنّه يمكن أن يوجب السرقة ، وبدون إذن صاحب الباب ، وكذلك بالنسبة إلى إزالة القيد يكون آثما ، وكذلك في دلالته للسارق آثم قطعا ، للإعانة على الإثم إن دلّه بقصد أن يسرق.
وحكى في الجواهر عن العلاّمة في الإرشاد القول بالضمان فيما لو دل السارق. (٢) والظاهر أنّه متفرّد في هذا القول ، ولم يوافقه أحد فيه.
ثمَّ إنّ صاحب الجواهر ذكر هاهنا فرعا (٣) وهو أنّه لو وجدت في البئر المذكورة ـ
__________________
(١) « الشرائع » ج ٣ ، ص ٢٣٨.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٣٧ ، ص ٦٨.
(٣) المصدر.