أي البئر التي حفرها في الطريق أو في ملك غيره عدوانا وبدون إذن صاحبه ـ جثة حيوان ميّت ، لا يعلم أنّ سبب موته هل هو وقوعه فيها كي يكون حافر البئر ضامنا له ، أو ألقيت ميتة فيها حتّى لا يكون ضمان في البين؟ وحيث أنّ الضمان موضوعه موته وتلفه بسبب وقوعه فيها ، فإذا شكّ فيه يكون مجرى أصالة البراءة عن الضمان ، واستصحاب حياته إلى زمان وقوعه مثبت.
وأمّا لو علم بأنّ سبب الموت وقوعه فيها ، ولكن يحتمل أن يكون بدفع شخص عن عمد واختيار بحيث يكون موجبا لسقوط الضمان عن ذي السبب ، وذلك لتوسط فعل فاعل عاقل عن عمد واختيار بين ذلك السبب والتلف ، فالضمان يكون على المباشر المختار لا على ذي السبب.
فربما يتوهّم كون الضمان على ذي السبب بتوهّم أصالة عدم دفع أحد له.
ولكن أنت خبير بأنّه مثبت ، لأنّ لازم عدم دفع أحد عقلا هو وقوع التلف والتردي بفعل ذي السبب خاصّة. إلاّ أن يقال : إنّ موضوع الضمان مركّب من كون موته بوقوعه فيها مع عدم دفع أحد ، فأحد جزئيّ الموضوع وهو الوقوع في البئر بالوجدان على الفرض ، والجزء الآخر أي عدم دفع أحد بالأصل ، فتأمّل.
ومنها : ما قال في الشرائع أيضا : ولو أزال وكاء الظرف فسال ما فيه ضمن إذا لم يكن يحبسه إلاّ الوكاء ، وكذا لو سأل منه ما ألان الأرض تحته فاندفع ما فيه ضمن بلا خلاف ، لأنّ فعله سبب مستقلّ للإتلاف. أمّا لو فتح رأس الظرف فقلّبته الريح أو طائر ، أو ذاب بالشمس ففي الضمان تردّد ، والأشبه أنّه لا يضمن ، لأنّ الريح والشمس كالمباشر فيبطل حكم السبب (١).
أقول : أمّا الأوّل أي إزالة الوكاء الذي هو عبارة عن الرباط الذي يشد به رأس القربة أو غيرها ، فالظاهر أنّه من الإتلاف مباشرة فخارج عن محلّ الكلام ، لأنّ فكّ
__________________
(١) « الشرائع » ج ٣ ، ص ٢٣٨.