إلى الدافع الذي هو الجزء الأخير من علّة التلف أولى من استناده إلى المعدّ الذي هو حفر الحافر.
هذا ما قاله في التذكرة مع ما فسرنا به كلامه قدسسره.
ولكن أنت عرفت ممّا ذكرنا في مقدّمة هذه الفروع أنّ من شرائط كون الضمان على السبب هو أن لا يتوسّط بين فعل ذي السبب وبين التلف فعل فاعل عاقل مختار ، وإلاّ ينسب إلى ذلك الفاعل لا إلى السبب ، وذلك واضح جدّا.
وفيما نحن فيه وقع ذلك التوسّط بين السبب الذي هو عبارة عن فتح القفص وعن حلّ القيد ، وبين الفرار فعل الفاعل والعاقل المختار ، وهو تنفير ذلك الإنسان ، فينسب الفرار إليه لا إلى فتح القفص أو حلّ القيد.
ومنها : أيضا ما في التذكرة من أنّه : لو حلّ رباط سفينة فذهبت أو غرقت بالحل ضمن ، لأنّه سبب في الإتلاف ، سواء كان يعقّب فعله أو تراخي (١).
ونظير هذا الفرع تقدّم من أنّه لو فكّ القيد عن الدابّة فشردت ، أو عن العبد المجنون فأبق ، وقلنا : يستفاد من الروايات قاعدة كلية ، وهي أنّ كلّ فعل صدر عن الفاعل العاقل المختار ، وكان سببا لتلف شيء ، ولم يتوسّط بينه وبين المسبّب ـ أي التلف ـ فعل فاعل عاقل مختار ، فيكون التلف مستندا إلى ذي السبب والضمان عليه.
فبناء على هذا حيث أنّ حلّ رباط السفينة يكون سببا لذهابها إلى عرض البحر ، فيوجب غرقها أو ضياعها.
فبمقتضى تلك القاعدة يكون الضمان على الذي حلّ الرباط ، ولا فرق بين حدوث حادث آخر كهبوب الرياح الشديدة والعواصف الموجبة لغرقها ، وبين عدم حدوث حادث آخر يوجب ذلك ، وذلك لما بيّنّا من الضابط في الاستناد إلى السبب ، فإنّه حاصل ولا يفرق في كلا المقامين. نعم ، لو لم يكن هذا الفعل ـ أي حلّ رباط السفينة ـ
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ٢ ، ص ٣٧٥.