سببا للغرق أو الضياع في العادة ، بل حدث عاصفة شديدة من باب الاتّفاق ، فيمكن أن يقال بعدم الضمان في مثل هذه الصورة ، وقد تقدّم جميع ذلك.
ومنها : ما ذكر في التذكرة أيضا من أنّه : لو وثبت هرة حال فتح القفص ودخلته وقتلت الطائر لزمه الضمان ، لأنّ الفتح يشتمل على إغراء الهرّة ، كما في تنفير الطائر (١).
والتشبيه بالتنفير لا يخلو من تأمّل ، لأنّ التنفير في حال انفتاح القفص من قبل العلّة التامّة بالنسبة إلى طيرانه وفراره. بخلاف فتح القفص فيما إذا لم تكن هرّة هناك ، ولكن من باب الاتّفاق وجدت هرّة حال الفتح.
اللهم إلاّ أن يقال : إنّ فرض المسألة في صورة وجود الهرّة هناك قبل الفتح ، وهي بحيث لا مانع من وثوبها على الطائر إلاّ انسداد باب القفص ، فيكون التشبيه في محله.
وأمّا الضمان : ففي المفروض على فاتح القفص على كلّ حال ، لما ذكرنا من الضابط.
إلاّ أن يقال : إنّ فتح باب القفص ليس سببا غالبيّا لوثوب الهرة.
وجوابه : أنّ المفروض حضور الهرة حال فتح القفص ، وفي مثل هذه الصورة سببية الفتح لوثوبها وإتلاف الطائر غالبي.
ومنها : أيضا ما في التذكرة من انّه لو كان شعير في جراب وبجنبه حمار ، ففتح فاتح رأسه ، فأكله الحمار في الحال لزمه الضمان (٢). وهذا الفرع من جميع الجهات التي ذكرناها مثل الفرع السابق ، فلا نعيد. ولا أرى وجها لذكره بعد ذكر الفرع السابق ، كما لا أرى وجها لتقييد قوله : « فأكله الحمار » بكلمة « في الحال » إلاّ تخيّل أنّه لو لم يكن أكله في الحال فليس الأكل مستندا إلى فتح رأسه ، وإنما هو مستند إلى التفات الحمار بعد غفلته عنه ، أو إلى حدوث اشتهائه ، وهو غريب.
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ٢ ، ص ٣٧٥.
(٢) المصدر.