هذه الجملة والمتفاهم العرفي منها هو أنّ المشتري بعد قبض المبيع ضامن للبائع بما هو المسمى في عقد المعاوضة ، أي الثمن المعين في ذلك العقد ، ولكن بعد ما وقع التلف على ذلك الثمن لا ملزم لرجوع المبيع إلى البائع وانفساخ العقد ، بل من الممكن أن يقال : ذهب الثمن من كيس البائع بلا عوض ، لأنّ يد المشتري يد أمانة بعد قبض المبيع ، ولا إتلاف في البين حتّى يكون موجبا للضمان أو ينتقل ضمان المسمّى إلى الضمان الواقعي ، أي المثل إن كان مثليا ، أو القيمة إن كان قيميا إن كانت يده يد ضمان. اللهمّ إلاّ أن يدلّ دليل آخر على انفساخ العقد وسنذكره إن شاء الله تعالى.
وأمّا إن كان مدركها الإجماع فلا بدّ وأن ينظر إلى معقد الإجماع وأنّه هل في خصوص تلف المبيع قبل قبضه قالوا بالانفساخ ، أو لا فرق في قولهم بالانفساخ بين تلف المبيع قبل قبضه أو تلف الثمن قبل أن يقبضه البائع؟
والظاهر عدم الفرق في هذا الحكم بين المبيع والثمن ، والشيخ الأعظم الأنصاري قدس سرّه استظهر نفي الخلاف من عبارات الأصحاب في هذا المقام بالنسبة إلى الثمن أيضا (١).
وأمّا لو كان مدركها بناء العقلاء بالبيان المتقدّم فلا فرق بين المبيع والثمن أصلا لوجود ما هو مناط الانفساخ في تلف الثمن أيضا إذا كان الثمن شخصيا لأنّ المبيع والثمن الكليين لا معنى لوقوع التلف عليهما ، نعم في المبيع الكلّي أو الثمن الكلّى يمكن أن يكون فردا منحصرا به الكلّي بحيث لا يكون مصداقا آخر للكلّي غيره وتلف ذلك المصداق. ولكن هذا أيضا ليس من تلف المبيع أو الثمن ، بل يكون من قبيل عدم وجود المصداق لذلك الكلّي الذي هو الثمن أو المثمن.
وعلى كلّ حال عرفت أنّ مناط الانفساخ بناء على هذا الوجه عدم إمكان التقابض والتعاطي الذي هو من مقتضيات ذات العقد ، بل لا يتحقّق حقيقة المعاملات المعاوضيّة إلاّ به كما بيّنّا مفصّلا. وفي تحقّق هذا المعنى أي إمكان التقابض والأخذ
__________________
(١) « المكاسب » ص ٣١٤.