والإعطاء لا فرق بين تلف المبيع ، وبين تلف الثمن ، بل وبين تلف بعضه.
ثمَّ إنّه هل تختصّ هذه القاعدة بالبيع ، أو تشمل سائر العقود المعاوضية؟ فيه تفصيل : وهو أنّه لو كان مدركها الحديث الشريف أي النبوي المشهور ، أو رواية عقبة بن خالد فالظاهر اختصاصها بالبيع ، وعدم شمولها لسائر المعاملات المعاوضيّة ، لأنّ موضوع الحكم فيها عنوان المبيع ، وهو عنوان مختصّ بالمثمن في خصوص البيع ، ولا يشمل العوض ولا المعوّض في سائر العقود والمعاملات ، وحينئذ التعدّي إلى سائر المعاملات المعاوضيّة يحتاج إلى دليل أو تنقيح مناط ، وإذ ليس في البين شيء منها فالقول بشمولها لها في غاية الإشكال.
وأمّا لو كان مدركها الإجماع ، فقد حكى الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سرّه عن التذكرة عموم الحكم لجميع المعاوضات على وجه يظهر كونه من المسلمات (١) ، ولكن إثبات عموم الحكم لجميع المعاوضات بالإجماع المصطلح الأصولي في غاية الإشكال ، لعدم تحقّقه أوّلا بادّعاء البعض ، خصوصا إذا كان بالاستظهار من كلام ذلك البعض من دون تصريحه بذلك ، وعدم حجيّة مثل هذا الإجماع ثانيا على فرض تحققه ، لما ذكرنا مرارا من أنّ حجّية الإجماع من باب الحدس القطعي برأيه عليهالسلام من اتّفاق الكلّ وكشفه عنه ، وكون الاتّفاق مسبّبا عن تلقّيهم منه عليهالسلام وذلك لا يكون إلاّ فيما إذا لا يكون معتمد ومدرك آخر في البين يمكن أن يكون اتّفاقهم مستندا إليه من بناء العقلاء على التفصيل الذي ذكرنا ، والنبوي المشهور (٢) ، ورواية عقبة بن خالد (٣).
والإنصاف أنّ الإجماع على شمول الحكم لجميع المعاملات المعاوضيّة كالإجارة ، والصلح بعوض ، والدين بل الهبة المعوّضة ممنوع صغرى وكبرى ، كما بيّنّا.
وأمّا لو كان مدركها ما ذكرنا من بناء العقلاء والعرف والعادة على أنّ إنشاء العقود
__________________
(١) « المكاسب » ص ٣١٤.
(٢) سبق تخريجه في ص ٧٩ ، رقم (١).
(٣) سبق تخريجه في ص ٨٠ ، رقم (١).