المعاوضية والمبادلة في عالم الاعتبار والتشريع مبني على الأخذ والإعطاء الخارجي ، بحيث لو لم يكن قابلا للأخذ والإعطاء الخارجي يكون المبادلة في عالم الاعتبار والتشريع لغوا وعملا غير عقلائي ، فقابليّة الأخذ والإعطاء الخارجي للعوضين مأخوذة في حقيقة العقد حدوثا وبقاء ، أي حدوثها في حدوث العقد وبقاؤها في بقائه ، فإذا سقط عن هذه القابليّة بعد العقد وقبل القبض فقهرا ينفسخ العقد.
وأنت خبير بأنّ مثل هذا المعنى ليس مختصا بالبيع ، بل يجري في جميع المعاوضات. ولعلّ من هذه الجهة جعل التلف قبل القبض في التذكرة في باب الإجارة موجبا لانفساخ العقد وقال إنّه من المسلّمات (١).
هذا كلّه فيما إذا وقع التلف على أحد العوضين كلاّ أو بعضا.
وأمّا لو وقع التلف على صفة أحدهما قبل قبضه ، سواء كانت ـ تلك الصفة ـ فقدانها موجبا لحدوث عيب في ذلك العوض أو لا ، بل كانت القاعدة صفة كمال بحيث لا يقال لفاقد تلك الصفة أنه معيب. وعلى كلّ حال هل تجري القاعدة في هذه الصورة أم لا؟
أقول : أمّا جريان القاعدة بناء على أن يكون مدركها الروايات أو الإجماع فلا وجه له أصلا ، لأنّه لا يصدق على فوات الوصف ـ بكلا قسميه ، أي سواء كانت الصفة صفة كمال فقط وإن لم يكن فقدانها موجبا لحدوث عيب في المبيع ، أو كان كذلك ـ أنّه تلف المبيع الذي جعل موضوع الحكم في الروايات أو انعقد عليه الإجماع.
وأمّا بناء على أن يكون مدركها بناء العقلاء بالبيان المتقدّم فأيضا لا وجه لجريانها ، إذ المناط في جريانها بناء على ذلك المدرك عدم إمكان التقابض الخارجي بالنسبة إلى العوضين بما هما عوضان ، لأنّ فوات الوصف لا يخرج الموصوف عن كونه عوضا. ولا يقاس بتلف الجزء ، أي بعض أحد العوضين ، لأنّ الجزء التالف
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ٢ ص ٣٢٢.