والغائب؟
ومنها : أنّه هل هذا الحكم مختصّ بما إذا كان نفس المدّعي صاحب الحقّ الذي يدّعيه ، أو يجري وإن كان المدّعي وليا أو وصيّا أو وكيلا عن صاحب الحقّ.
فهذه أمور بحث عنها الفقهاء في كتاب القضاء ، ونحن تركناها خوفا من التطويل ، ولخروجها عن وضع هذا الكتاب.
ومنها : اليمين المردودة من طرف المنكر إلى المدّعي ، فإذا حلف المدّعي بعد أنّ المنكر ردّ اليمين إليه يثبت حقّه ، كما كان يثبت بالبيّنة. وظاهر الحصر في هذه القاعدة ـ كما بيّناه ـ أنّ ميزان الحكم للمدّعي وإثبات حقّه هي البيّنة ، وأنّ اليمين وظيفة المنكر وميزان له.
فاليمين المردودة إن كان ميزان للمدّعي فيكون مخصّصا للجملة الثانية من هذه القاعدة ، أي كون اليمين مختصّا بالمنكر وعدم كونه ميزانا إلاّ له.
وربما يقال : بأنّ الحصر في هذه القاعدة باعتبار الوظيفة الابتدائيّة ، وأمّا اليمين المردودة فليست كذلك ، بل بعد عجز المدعي عمّا هو وظيفته ـ أي البيّنة ـ وتوجّه اليمين إلى المنكر ونكوله عن الحلف وردّه إلى المدّعي يكون ميزانا للمدّعي لا أوّلا وبالذات.
وفيه : أنّه ليس مفاد القاعدة هو أنّ البيّنة وظيفة المدّعي أوّلا وبالذات ، واليمين وظيفة المنكر كذلك ، بل ظاهرها انحصار ميزان المدّعي في البيّنة وميزان المنكر في اليمين ، ولكن الحصر ليس حصرا عقليّا كي لا يكون قابلا للتخصيص ، وإنّما هو بحكم الشارع ، فقابل لأن يخصّصه بدليل آخر ، وهو الإجماع والنصّ.
كصحيحة محمّد بن مسلم في الرجل يدّعي ولا بيّنة له ، قال : « يستحلفه ، فإن ردّ