جريان هذه القاعدة هو فيما إذا لا نقول بصحّة ما يدينون به ، وإلاّ فإن قلنا نحن أيضا بصحّته وكان ممّا ندين به أيضا ، فليس موردا لقاعدة الإلزام ، بل يكون حينئذ ترتيب الأثر عليه كترتيب الأثر على سائر الأحكام الشرعيّة.
فقاعدة الإلزام تشبه الأحكام الثانويّة ، أو هي منها على أحد الوجهين الذين نذكرهما إن شاء الله تعالى ؛ لأنّ الحكم الأوّلى عدم جواز تزويج المرأة المطلّقة التي طلاقها باطل ، فجوازه فيما إذا كان زوجها يدين بصحّة هذا الطلاق يكون من قبيل الأحكام الثانويّة ، وهكذا الحال في سائر الموارد التي تجري فيها هذه القاعدة.
مثلا بعد الفراغ عن أنّ القول بالتعصيب باطل عندنا ، فأخذ العصبة ـ أي أقرباء الميّت كأخته وأخيه ـ ميراث بنته يكون أخذ مال الغير بدون إذنه ورضاه ، ولا شكّ في حرمة ذلك بعنوانه الأوّلى فحكمهم عليهمالسلام بجواز أخذه ـ إذا كان المأخوذ منهم ممّن يدينون باستحقاق العصبة وشركتهم مع البنت فيما إذا كان الآخذ ، أي العصبة ممّن لا يدين بجواز الأخذ وبالاستحقاق ـ يكون شبيها بالأحكام الثانويّة أو هو منها.
ثمَّ إنّ الظاهر من قوله عليهالسلام : « ألزموهم » أنّ مرجع ضمير الجمع هم المسلمون من سائر الطوائف غير الطائفة الإماميّة الاثني عشريّة ، ولا يشمل أرباب سائر الأديان والملل ، فلو أنّ ذميّا طلّق زوجته بطلاق غير صحيح عندنا ولكنّه صحيح عندهم ، فلا تشمله هذه القاعدة بناء على ما ذكرنا من أنّ مرجع الضمير « هم » المسلمون من سائر الطوائف.
اللهمّ إلاّ أنّ يتمسّك بغير هذه الرواية التي مدرك هذه القاعدة ، مثل قوله عليهالسلام الذي تقدّم ذكره « يجوز على أهل كلّ ذي دين ما يستحلون » (١). ولكنّه لا يخلو من تأمّل ونظر.
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ١٨٠ ، رقم (٣).