بالشرائط المذكورة في باب الطلاق ـ معناها صحّة هذا الطلاق ، وهذا مخالف للضرورة في مذهب الشيعة ، حيث أنّ الفقهاء كلّهم متّفقون على بطلان هذا الطلاق ، ولم يقل أحد منهم بصحّته ولو بالعنوان الثانوي ، أي بعنوان أنّه الطلاق الصادر عن المخالفين.
وأيضا مخالف للأخبار الصريحة في أنّه « إيّاكم وتزويج المطلّقات ثلاثا في مجلس واحد ، فإنّهنّ ذوات أزواج » (١).
وحاصل الكلام : أنّه في العناوين الثانوية جعل الشارع لفعل واحد من حيث الماهيّة حكمين واقعيّين مختلفين ، غاية الأمر بعنوانين : أحدهما هو العنوان الأوّلي للشيء ، والثاني هو العنوان الثانوي ، مثل أكل لحم الميتة الذي هو بعنوانه الأوّلى حرام واقعا ، وبعنوانه الثانوي مثل أن يكون الأكل عن اضطرار أو إكراه أو غير ذلك هو حلال واقعا ، فيرجع الأمر فيما نحن فيه إلى أنّ الشارع جعل للطلاق حكمين : إذا كان صادرا عن الشيعة يكون صحّته مشروطا بتلك الشرائط ، وإذا كان صادرا من المخالف فليس مشروطا بتلك الشرائط.
وبعبارة أخرى : الطلاق الفاقد للشرائط المعتبرة فيه إذا كان المطلّق من الشيعة يكون فاسدا ، وإذا كان من مخالفيهم يكون صحيحا. وهذا كلام لا يمكن الالتزام به.
اما أوّلا : فلاستنكارهم عليهمالسلام لصحّة مثل هذا الطلاق ، واستدلالهم على بطلانه بالكتاب العزير عليهم ، وهذا لا يناسب مع كون طلاقهم على غير السنة طلاقا صحيحا شرعيّا.
وثانيا : ما رواه في دعائم الإسلام عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنّ رجلا من أصحابه سأله عن رجل من العامّة طلّق امرأته لغير عدّة ، وذكر أنّه رغب في تزويجها ،
__________________
(١) « الفقيه » ج ٣ ، ص ٤٠٦ ، ح ٤٤١٨ ، باب ما حلّ الله من النكاح ، « تهذيب الأحكام » ج ٨ ، ص ٥٦ ، ح ١٨٣ ، باب أحكام الطلاق ، ح ١٠٢ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٢٨٩ ، ح ١٠٢٢ ، باب من طلّق امرأته. ، ح ١٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٥ ، ص ٣١٦ ، أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ، باب ٢٩ ، ح ٢٠.