أنّ مراده بالأمرين ، أي الدين وقيمة العين المرهونة ، والصحيح عندنا لا ضمان في الرهن إلاّ مع التعدّي والتفريط ، لأنّه من قسم الأمانة المالكيّة ، وقد بيّنّا عدم الضمان بدون التعدّي والتفريط في الأمانات مطلقا في إحدى قواعد هذا الكتاب ، فلو كان المرتهن حنفيّا وتلف عنده الرهن بدون تعدّ ولا تفريط ، يجوز إلزامه بأخذ أقلّ الأمرين منه بهذه القاعدة ، وإن كان لا يجوز عندنا ولا ضمان.
وأيضا نسب الشيخ قدسسره إلى أبي حنيفة أنّ العدل لو باع الرهن لأداء الدين وقبض الثمن ، فلو تلف الثمن بعد القبض يسقط من الدين بمقدار الثمن (١). وبعبارة أخرى : يكون ثمن الرهن في ضمان المرتهن. وهذا وإن كان غير صحيح عندنا ، لأنّ المرتهن ما لم يقبض دينه لا وجه لسقوط دينه ، ولكن المرتهن إن كان حنفيّا يجوز إلزامه بسقوط دينه بهذه القاعدة.
وأيضا نسب الشيخ قدسسره إلى أبي حنيفة أنّ منفعة الرهن لا للراهن ولا للمرتهن ، مثلا لو رهن دارا فليس أن يسكنها الرهن أو يؤجرها ، ولا يجوز أيضا للمرتهن أن يسكنها أو يؤجرها (٢) ؛ وحاصل كلامه : أنّ منفعة الرهن لا يملكه الراهن ولا المرتهن ، وأمّا نماؤه المنفصل فيدخل في الرهن ، فيكون رهنا مثل أصله.
وهذه الفتوى وإن كانت غير صحيحة عندنا ، لأنّ منافع الشيء تابعة لأصله ، وكلّ من كان مالكا للأصل يكون مالكا للمنفعة والنماء ، متّصلة كانت النماء أم منفصلة ، ولكن لو كان الراهن حنفيّا يجوز إلزامه بدخول النماء المنفصل في الرهن ، فلو رهن بقرة مثلا فولدت عجلا ، يكون ذلك العجل أيضا مثل أمّه رهنا.
وهناك فروع كثيرة في كتاب الرهن تكون من موارد قاعدة الإلزام تركنا ذكرها خوفا من التطويل.
__________________
(١) « الخلاف » ج ٣ ، ص ٢٤٥ ، المسألة : ٤٧.
(٢) « الخلاف » ج ٣ ، ص ٢٥١ ، المسألة : ٥٨.