بقبولها.
ففي كلّ مورد لا يكون عدم شيء ، أو وجوده ، أو بقاؤه محرزا بالوجدان ، والشارع أمر بترتيب الأثر على عدمه كما في مورد أصالة البراءة ، أو على وجوده كما في موارد الأمارات والأصول المثبتة للتكاليف والأحكام أو لما هو موضوع للحكم الشرعيّ ، أو على بقائه وعدم ارتفاعه كما في موارد الاستصحاب لا بدّ وأن يكون لذلك الوجود أو ذلك العدم أو لبقاء ذلك الشيء بعد القطع بحدوثه ـ سواء أكانت تلك الحالة السابقة هو الوجود أو العدم ـ أثر شرعي ، كي يكون أمر الشارع بالتعبّد بلحاظ ترتيب ذلك الأثر ، فلا بد في مورد قيام البيّنة أيضا أن يكون لما قامت عليه أثر شرعي.
فإن كان موضوع الأثر أمرا محسوسا وقامت البيّنة عليه فلا كلام ، وأمّا إن لم يكن من الأمور المحسوسة ـ كالعدالة والاجتهاد وسائر الحالات والملكات النفسانيّة التي لثبوتها أثر شرعي ـ فهل تقبل البيّنة فيها أم لا؟
والتحقيق في هذا المقام هو أنّ أدلّة حجيّة البيّنة ـ سواء كانت هي سيرة العقلاء أو الإجماع أو الاخبار أو الآيات ـ ظاهرة فيما إذا كان أخبارهما عن حسّ ، إذ هو المتفاهم العرفي عن لفظة « الشهادة » و « البيّنة ».
ولكن المشهود به قد يكون من الأمور المحسوسة بنفسه ، كما إذا شهدا بإطلاق ماء أو إضافته أو خمريّة مائع وغير ذلك من الأمور المحسوسة بأحد الحواسّ الخمسة التي لها آثار شرعيّة. وهذا هو الذي لا كلام في حجيّة البيّنة فيها ، بناء على عموم حجيتها في جميع الموضوعات.
وقد لا يكون من الأمور المحسوسة بأحد الحواسّ الخمسة بنفسه ، ولكن له آثار محسوسة بحيث تكون بينها وبين ذلك المشهود به ملازمة عرفيّة ، فالشهادة بمثل هذه الموضوعات أيضا تقبل ، وتكون إحساسها بإحساسها آثارها غير المنفكّة عنها عند العرف.