وخلاصة الكلام : أنّ شرط الضمان في باب الإجارة لا مانع من نفوذه إن لم يكن إجماع على الخلاف ، وممّا ذكرنا ظهر الإشكال أيضا فيما ذكره شيخنا الأستاذ قدسسره من عدم صحّة شرط الضمان على المرتهن في العين المرهونة ، باعتبار أنّ يد المرتهن على العين المرهونة بحقّ مالكي بواسطة عقد الرهن ، فيقتضي عدم الضمان ، فيكون شرط الضمان مخالفا للكتاب أو لمقتضى العقد الذي هو عدم الضمان.
وقد عرفت الجواب ، وأنّ عقد الإجارة في إجارة الأعيان وكذلك عقد الرهن لا يقتضي الضمان بالنسبة إلى العين المستأجرة ، وكذلك لا يقتضي الضمان بالنسبة إلى العين المرهونة ، لا أنّهما يقتضيان عدم الضمان كي يكون شرط الضمان فيهما منافيا لمقتضى العقد ، أو يكون خلاف الكتاب.
وأمّا حديث استحقاقه بحقّ مالكي ، أي استحقاق المرتهن كون العين المرهونة في يده بعقد الرهن ، لأنّ هذا معنى كونه وثيقة عنده. ويدلّ عليه قوله تعالى ( فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) (١) فقد عرفت أنّه لا يقتضي عدم الضمان ، وأيضا ليس من أحكام هذا الحقّ شرعا عدم الضمان كي يكون شرط الضمان خلاف المشروع.
نعم في الوديعة والوكالة حيث أنّ الوكيل والودعي نائبان عن المالك في حفظ ماله ، فتكون يدهما بمنزلة يد المالك ، فكما أنّه لو تلف في يد مالكه لا يوجب الضمان ، بل لا معنى لأن يكون الشخص ضامنا لنفسه ، فكذلك من هو بمنزلته ، أي الوكيل والودعي. هذا ما ذكره شيخنا الأستاذ.
ولكن التحقيق هو الفرق بين الوكيل والودعي ، وذلك لأنّ الودعي محسن و ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (٢) ، ولا شكّ في أنّ الضمان سبيل. وأمّا الوكيل الذي يعمل بأجرة ، فليس بمحسن كي لا يكون عليه سبيل.
__________________
(١) البقرة (٢) : ٢٨٣.
(٢) التوبة (٩) : ٩١.