عن أن يكون فاسقا ، هذا أولا.
وثانيا : على فرض تحقق السيرة وبناء العقلاء على حجية خبر العدل الواحد ، تكون رواية مسعدة بن صدقة « الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة » (١) رادعة عن هذه السيرة ، كما أنها رادعة عن السيرة وبناء العقلاء على حجية خبر الثقة أيضا ، من جهة أن ظاهر الرواية حصر غاية الحلية فيها في الاستبانة وقيام البينة ، فلو كان خبر العدل الواحد أو خبر الثقة إذا كان المخبر واحدا حجة ، فلم يكن وجه للحصر في ذينك الأمرين.
إن قلت : إن خبر العدل الواحد إذا كان حجة ، وكذلك خبر الثقة يكون داخلا في الاستبانة تعبدا ، لحكومة أدلة حجية الخبر العدل الواحد ، وكذلك أدلة حجية خبر الثقة على الدليل الذي أخذ الاستبانة غاية للحلية ، كرواية مسعدة ، كما أن استصحاب الحرمة أيضا حاكم ، وذلك لما ذكرنا في الأصول أن الأمارات والأصول التنزيلية لها حكومة على العلم الذي أخذ في الموضوع على وجه الطريقية. (٢)
قلنا : إن هذا الكلام صحيح ، ولكن لازمه أن يكون خبر العدل الواحد ، أو الخبر الثقة الذي يكون مخبره واحدا عدلا للبينة ، فكأنه عليهالسلام قال : الأشياء كلها على الحلية ، إلا أن تعلم بموضوع الحرمة ، أو يخبر عدل واحد أو عدلان بما هو موضوع الحرمة.
وجعل العدل الواحد عدلا للعدلين في غاية الركاكة ، خصوصا إذا كانت شهادة العدلين تدريجيا لا دفعة واحدة ، لأنه مع شهادة العدل الأول يثبت الموضوع ، فشهادة الثاني يكون لغوا وبلا أثر ، بل يكون اعتبارها لثبوت المؤدى من قبيل تحصيل الحاصل ، فاعتبار التعدد مع ثبوت المؤدى بواحد متنافيان.
نعم اعتبار التعدد في خبر العدل غير الثقة مع ثبوت المشهود به بخبر الواحد
__________________
(١) تقدم تخريجه في ص ١١ ، رقم (٢).
(٢) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٢٢ و ٥٣٨ ـ ٥٣٩.