الزيادة في بعض الأجزاء والشرائط نسيانا لا يضر بصحة العمل ، وإن علم وجدانا بالنقص ، فضلا عن البينة التي هي أمارة تعبدية.
وخلاصة الكلام : أنه إذا وقع التعارض بين قاعدة الفراغ التي مفادها صحة العمل وعدم الاعتناء بالشك والمضي عنه وعدم وجوب الإعادة ، وبين البينة على عدم تماميته وأنه تجب الإعادة ، فيجب العمل على طبق قاعدة حجية البينة والإعادة ، إلا فيما ذكرنا من وجود دليل على عدم وجوب الإعادة وإن علم وجدانا بالخلل بالزيادة أو النقيصة ، وذلك من جهة أن البينة أمارة ، وقاعدة الفراغ على ما هو الصحيح عندنا أصل تنزيلي ، ودليل الأمارة حاكم على دليل الأصل وإن كان تنزيليا ، وقد حققنا المسألة في كتابنا « منتهى الأصول ». (١)
وقد ظهر مما ذكرنا حال تعارض البينة مع سائر الأصول ، كقاعدة التجاوز ، وأصالة الصحة ، وقاعدة الوقت حائل ، وقاعدة الطهارة ، والاستصحاب ، وأصالة عدم التذكية ، وأصالة الحل ، كل ذلك في الشبهات الموضوعية ، والمناط في الجميع واحد ، وهو حكومة الأمارات على الأصول.
إذ موضوع الأصل وإن كان تنزيليا هو الشك ، والأمارة ـ على ما هو التحقيق من أن حجيتها من باب تتميم الكشف ـ يرفع الشك تعبدا ، وهذا هو معنى الحكومة ، فلا يبقى موضوع للأصل حتى يعارض الأمارة.
وأما حالها مع سائر الأمارات : أما مع اليد ، فلا شبهة في تقديمها على اليد ، لأن عمدة تشريع حجيتها في باب المخاصمة لإبطال التمسك باليد ، وبواسطة قيام البينة من طرف المدعي يؤخذ المال من ذي اليد ويعطى للمدعي.
ولو لم تقدم البينة على اليد يبقى القضاء بلا ميزان ، لأن ميزان القضاء هي البينة على المدعي واليمين للمنكر ، وليس اليمين ابتداء للمنكر ، بل ميزانيته في صورة فقد
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٥٣٧.