مخالفا للحجّة الفعليّة ، وهي أصالة عدم أدائه في الأوّل ، وأصالة عدم ردّه في الثاني.
وكذلك الأمر في الدعوى على ذي اليد بما هو تحت يده ، فلو قال : إنّ هذا ليس لك ، أو قال : لنفسي ، يكون منكرا ، لأنّ قوله موافق للحجّة الفعليّة ، أي : كونه ذا اليد. وأمّا لو قال : بأنّك وهبتني ، أو اشتريت منك ، أو ادّعي الانتقال إليه بناقل آخر بعد إقراره بأنّه كان له ، فيكون مدّعيا ، لأنّه أسقط يده عن الاعتبار بإقراره الضمني أو الصريح.
الوجه الثاني : هو أنّ المدّعي من لو ترك دعواه ترك. وبيانه أنّ المدّعي عند العرف عبارة عمّن يدّعي بثبوت دين ، أو عين ، أو حقّ على خصمه. وبعبارة أخرى :
يريد إلزامه بأحد الأمور المذكورة.
والمنكر في مقابله يردّ دعواه وينكر كونه ملزما بأحد هذه الأمور ، فإنكاره ـ في قبال ادّعاء المدّعي ـ يكون من قبيل القبول في مقابل الإيجاب ، ورتبته متأخّرة عن الدعوى ويكون متفرّعا عليها ، فكونه منكرا متفرّع على وجود مدّع يدّعي شيئا عليه ، فإذا ترك دعواه فلا مدّعي ولا منكر في البين ، وهذا هو المراد من قولهم « لو ترك ترك » ومن تعريفهم المدّعي بتلك الجملة.
وهذا المعنى للمدّعي موافق لما يفهمه العرف من هذه الكلمة ، لأنّ المدّعي عندهم من يريد إلزام خصمه بثبوت أمر عليه ، فهو المتعرّض لطرفه ، فلو ترك التعرّض ولم يطالب خصمه بشيء ، لا يتعرّض الخصم له من ناحية هذه المخاصمة.
نعم يمكن أن يكون للخصم دعوى آخر عليه ، فلا يتركه بل يطالبه ، ولكن من جهة ادّعاء آخر من طرف المنكر.
وأمّا باب التداعي ، ففي الحقيقة هناك دعويان ، في إحديهما يكون هذا مدّع والآخر منكر ، وفي الأخرى بالعكس ، أي يكون المدّعي في الدعوى الأولى منكرا في الأخرى ، والمنكر فيها مدّعيا في هذه الدعوى. وفي كلّ واحدة من الدعويين لو ترك