المدّعي دعواه ، يترك من ناحية تلك الدعوى ولا يتعرّض له خصمه من ناحية هذه الدعوى ، وإن كان يتعرّض له من ناحية دعوى أخرى مثلا لو كان مال مطروحا على الأرض ووقع عليه التلف ، وكلّ واحد من المتخاصمين لا بدّ له عليه ، ويدّعي أنّه له ، فكلّ واحد منهما ، يدّعي على الآخر إنّك أتلفت مالي ، فلو ترك أحدهما دعواه يترك من ناحية هذه ، ولا يتعرّض له الآخر من ناحية هذه الدعوى ، وإن كان يتعرّض له من ناحية دعوى أخرى.
وكذلك لو كان المال في يدهما معا ، فكلّ واحد منهما بالنسبة إلى نصفه مدّع ، وبالنسبة إلى النصف الآخر منكر ، وذلك من جهة أنّ يد كلّ واحد منهما على الكلّ غير تامّة ، لأنّ معنى التماميّة وعدم النقصان في اليد أن يكون له جميع المتصرّفات المباحة ، ومنع جميع الأغيار ، وحيث أنّه مع الشريك ليس له منعه ، فهذه اليد الناقصة على الكلّ تعتبر يدا تامّة على النصف عند العرف والعقلاء إن كان الشريك واحدا ، وعلى الثلث إنّ كانا اثنين ، وعلى الربع ، إن كان شركائه ثلاثة ، وهكذا.
فإذا كان المال في يد اثنين مثلا ، فتعتبر يد كلّ واحد منهما على المجموع يدا تامّة على النصف عند العرف والعقلاء ، فبالنسبة إلى النصف الذي تحت يد كلّ واحد منهما يكون ذو اليد منكرا ، وبالنسبة إلى النصف الآخر مدّعيا ، فكلّ واحد منهما منكر بالنسبة لما في يده ، ومدّع بالنسبة لما في يد الآخر ، فيدخل في باب التداعي والتحالف ، ولكن كلّ واحد لو ترك المخاصمة بالنسبة لما في يده الآخر يترك من حيث هذه الدعوى ، ولا يتعرّض له الآخر من هذه الجهة ، وإن كان له تعرّض من ناحية النصف الآخر الذي في يده. فلا يرد النقض على هذا التعريف بمسألة التداعي وأن المدّعي فيها لو ترك لا يترك.
الوجه الثالث : هو أنّ المدّعي عبارة عمّن يكون قوله مخالفا للظاهر ، ومقابله المنكر وهو الذي يوافق قوله الظاهر. كما أنّه إذا ادّعى أنّ هذه الدار التي تسكنها هي داري ، أو الزوجة التي تحتك هي زوجتي ، فهذا القول خلاف ظاهر الحال ، فيكون من