يدّعيه مدّعيا ، ومن تكون الدار تحت يده وينكر كونها للمدّعي منكرا ، وكذلك الأمر في مثال الزوجة.
وفيه : أنّ هذا الظاهر الذي يكون قوله مطابقا معه ، إن كان حجّة معتبرة بالفعل ـ أي : كان أصلا معتبرا ، أو أمارة معتبرة ـ فيرجع إلى الوجه الأوّل ، أي من يكون قوله مخالفا للحجّة الفعليّة ، من وجوه تعريف المدّعي وإن كان من الظنون غير المعتبرة.
فكونه موافقا معه لا ينافي مع كونه مدّعيا ، كما أنّه لو ادّعى شخص من الصلحاء وأهل الشرف على ذي اليد المتّهم بالسرقات أنّ هذا الذي تحت يده هو لي وملكي وأنّه سرقه منّي.
ولعلّ من يعرف المدّعي بأنّه عبارة عمّن يدّعي أمرا خفيا ، والمنكر من يقابله ـ أي : ينكر ثبوت مثل هذا الأمر الخفيّ ـ مراده من هذا التعريف هو هذا الوجه الثالث : لأنّ الأمر الخفيّ هو ما لا يكون ظاهرا.
ثمَّ إنّ المراد من هذه الكلمة ـ أي : كلمة الظاهر في قوله : إنّ المدّعي هو من يخالف قوله الظاهر ـ هل هو الظهور الشخصي أو الظهور النوعي؟
والحقّ في هذا المقام هو أنّ مرادهم من الظاهر إن كان هي الحجّة المعتبرة ، فالمراد لا محالة يكون هو الظهور النوعي لا الشخصي ، وذلك لأنّ الحجج والأمارات بل مطلق الأدلّة ـ وإن كانت من الأصول حجّيتها باعتبار ظهورها النوعية ، وليست دائرة مدار الظنّ الشخصي.
وأمّا إن كان المراد منه هو الظهور العرفي ـ وإن لم يكن حجّة ـ فقابل لكلا الأمرين ، أي الظهور النوعي والشخصي ، ولكن الظاهر أنّ مرادهم في هذا التعريف هو الظهور العرفي الشخصي.
وعلى كلّ حال هذا التعريف لا يخلو عن الخلل ، لأنّ من يكون قوله مخالفا للحجّة الفعليّة ـ كما إذا ادّعى على ذي اليد بما في يده ـ يكون مدّعيا ولو لم يكن قوله