المدّعي والمنكر على المتخاصمين عرفا ، وأن يكون الحاكم ـ أي المجتهد الجامع للشرائط ـ حكم بحكمهم عليهمالسلام إلاّ أن يدلّ دليل خاصّ على اعتبار أمر آخر ، من حضور المدّعى عليه في مجلس الحكم وعدم غيابه ، أو السؤال عنه بعد إقامة المدّعي للبيّنة ، وأمثال ذلك.
وفيما نحن فيه ـ أي جواز الحكم على الغائب ـ لا دليل على اعتبار الحضور ، بل ظاهر الأخبار المتقدّمة صحّة الحكم ونفوذه على الغائب. ولا ينافي النفوذ قوله عليهالسلام في ذيل مرسل جميل ، وخبر محمّد بن مسلم : « ويكون الغائب على حجّته إذا قدم » (١) لأنّ المراد من النفوذ هو لزوم العمل على طبقه ما لم ينهدم بحجّة أخرى ، كما لو أقام بيّنة على أداء دينه أو على انتقاله إليه بناقل شرعي مثلا.
نعم يبقى الكلام في أنّ مفاد هذه الأخبار هل هو جواز الحكم على الغائب مطلقا بصرف غيابه عن مجلس الحكم ، ولو كان في البلد وكان متمكّنا عن الحضور ، امتنع أو لم يمتنع ، أو في خصوص ما إذا امتنع عن الحضور؟ أو في خصوص الغائب الذي لم يتمكّن من الحضور؟ أو في خصوص الغائب عن البلد ، سواء أكان مسافرا بالسفر الشرعي أو لم يكن كذلك؟ أو في خصوص ما إذا كان مسافرا شرعا ، سواء أكان متمكّنا من الحضور أو لم يكن؟ أو في خصوص ما إذا لم يتمكن؟ بمعنى أنّه يكون مسافرا ولا يكون متمكّنا من الحضور ، وفي جميع هذه الشقوق هل جواز الحكم فيما قلنا بجوازه مقيّد بإعلامه وامتناعه عن الحضور أو مطلقا؟ احتمالات بل أقوال.
القدر المتيقّن من جواز الحكم عليه ونفوذه ، هو عدم حضوره بعد إعلامه وتمكّنه من الحضور مع كونه في البلد ، أو كان مسافرا وأعلم لكن كان غير متمكّن من الحضور. وظاهر خبر محمّد بن مسلم ومرسل جميل هو أن يكون الغائب الذي يقضى عليه مسافرا ، لقوله عليهالسلام : « ويكون الغائب على حجّته إذا قدم » لكنّهما مطلقان من
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٩٥ ، رقم ( ١ و ٢ ).