فرع : تبرأ ذمّة المحيل عن حقّ المحتال بمحض وقوع الحوالة الصحيحة تامّ الأركان ، وليست موقوفة على أن يبرأه المحتال.
وذلك من جهة أنّ مقتضى صحة الحوالة بناء على تقدّم انتقال الدين عن ذمّة المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، فإذا انتقل لا يحتاج إلى تبرئة المحتال بل يكون محالا بمعناها الحقيقي ، لأنّها من تحصيل الحاصل.
والتمسّك لاحتياجها إلى التبرية بقوله عليهالسلام في رواية زرارة ، عن أحدهما عليهماالسلام في الرجل يحيل الرجل بمال كان له على رجل آخر ، فيقول له الذي احتال : برئت ممّا لي عليك ، فقال عليهالسلام : « إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه ، وإن لم يبرئه فله أن يرجع على الذي أحاله » (١) لا أساس له ، لأنّه مخالف للقواعد المأخوذة عن الآيات والروايات ، بل الإجماع على أنّ الحوالة الصحيحة موجبة لنقل المال من ذمّة المديون المحيل إلى ذمّة المحال عليه ، فإبراء المحتال له من قبيل تحصيل الحاصل.
هذا ، مضافا إلى ورود روايات تدلّ على انقطاع المحتال عن المحيل ، وعدم جواز رجوعه إليه بعد تماميّة الحوالة. وهذا من لوازم فراغ ذمّته بعد تماميّة الحوالة ، من دون حاجة إلى إبراء المحتال.
وقد تقدّم رواية منصور بن حازم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يحيل على الرجل بالدراهم أيرجع عليه؟ قال : « لا يرجع إليه أبدا إلاّ أن يكون قد أفلس قبل ذلك » (٢).
وقد تقدّم رواية أبي أيّوب عن أبي عبد الله عليهالسلام بهذا المضمون التي رواها
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ١٠٤ ، باب الكفالة والحوالة ، ح ٢ ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢١١ ، ح ٤٩٦ ، باب في الحوالات ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٥٨ ، أبواب الضمان ، باب ١١ ، ح ٢.
(٢) تقدّم في ص ١٢٩ ، رقم (١).