ولكن قال في الشرائع : ولو قيل بالبراءة كان حسنا (١).
ووجه حسنه أنّ المقصود من الكفالة هو تسلّمه من الكفيل والتمكّن والقدرة على استيفاء دينه منه ، وهذا المعنى قد حصل. ولذلك تقدّم أنّه لو سلّم نفسه تبرأ ذمّة الكفيل كما أنّه أيضا تبرأ ذمّته بتسليم الأجنبي ، وليس تسليم أحد الكفيلين المكفول للمكفول له أقلّ فائدة في حصول الغرض من تسليم الأجنبي ، فالأظهر ما قاله المحقّق من أنّ القول بالبراءة حسن.
فرع : ولو تكفّل لرجلين برجل فسلّمه إلى أحدهما لم يبرأ عن الآخر ، وهذا واضح جدّا. نعم لو كان دين الرجلين على المكفول مشاعا بينهما ، وصار كفيلا لكلّ واحد منهما بذلك الرجل المديون ، فسلّمه إلى أحدهما وهما شريكان في ذلك الدين وكان الدين لهما بالإشاعة ، فإذا استوفى أحدهما تمام الدين المشاع بينهما فلا يبقى مجال لبقاء الكفالة بالنسبة إلى الآخر ، لأنّ بقاء الكفالة تابع لبقاء الحقّ في ذمّة المكفول ، فتسقط الكفالة باستيفاء تمام الحقّ عن الآخر أيضا.
ولكن ظاهر الفرض أن يكون كفيلا لكلّ واحد من الرجلين برجل واحد في دين مستقلّ لكلّ واحد منهما ، وفي الفرض لا تبرأ ذمّة الكفيل عن الكفالة للآخر بتسليم المكفول إلى أحدهما يقينا.
فرع : إذا مات المكفول برئ الكفيل عن الكفالة ، وكذلك الأمر لو مات الكفيل.
أمّا الأوّل : فمن جهة أنّ الغرض من الكفالة إحضار الكفيل المكفول لأنّ يستوفي المكفول له حقّه منه ، فإذا مات لا يمكن إحضاره ولا استيفاء الحقّ منه ، بل حقيقة
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ١١٧.