المقام الأوّل
في الضمان بالمعنى الأخصّ
وهو التعهّد بمال في ذمّة الغير من ذلك الغير من دون أن يكون له في ذمّته مثله ، وإلاّ لو كان في ذمّة المضمون عنه للضامن مثل ما ضمنه يكون حوالة لا ضمانا في مصطلح الفقهاء ، فيسمّى المتعهّد لذلك المال الذي في ذمّة غيره ضامنا ، وذلك الغير الذي على ذمّته مال ـ أي المديون ـ مضمونا عنه ، كما أنّه يسمّى الدائن مضمونا له.
وقد أثبتنا شرعيّته بالأدلّة المتقدّمة التي كانت تشمل هذا الضمان بالمعنى الأخصّ وقسميه أي الحوالة والكفالة ، فلا يحتاج إلى الإعادة.
والضمان بهذا المعنى عندنا ناقل ، أي ينقل ما في ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن ، فيبرأ المضمون عنه ويسقط ما في ذمّته وتشغل ذمّة الضامن بالدين.
وأمّا مخالفونا فيقولون بأنّه لا تبرأ ذمّة المضمون عنه بل تكون ذمّته وذمّة الضامن كلاهما مشغولتان ، فيكون المضمون له مخيّرا في مطالبة أيّ واحد منهما ، لاشتغال ذمّة كليهما له ، ولذلك قالوا باشتقاق الضمان من الضمّ.
ويردّهم ـ مضافا إلى صعوبة تصوير ضمانين لمال واحد بأن يكون كلّ واحد من الضامنين ضامنا لذلك المال في عرض ضمان الآخر ، ولا يتوهّم انتقاض ذلك بالقول بتعدّد الضمان في باب تعاقب الأيادي ، فإنّه ضمان طولي لا عرضي ، ولذلك قرار الضمان على من بيده التلف. والتفصيل ذكرناه في بعض القواعد المتقدّمة من هذا الكتاب ـ ضمان أمير المؤمنين عليهالسلام وأبي قتادة عن الميّت الذي كان مديونا بدرهمين ، فلم يصلّ عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : « صلّوا على صاحبكم » فقال علىّ عليهالسلام « هما عليّ يا رسول الله وأنا لهما ضامن » فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلّى عليه ، ثمَّ أقبل صلىاللهعليهوآلهوسلم على علىّ عليهالسلام ،