فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « جزاك الله عن الإسلام خيرا وفكّ رهانك كما فككت رهان أخيك » (١).
وأمّا ضمان أبي قتادة : فعن جابر بن عبد الله أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يصلّي على رجل عليه دين ، فأتي بجنازة فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « هل على صاحبكم دين؟ » فقالوا : نعم ديناران. فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « صلّوا على صاحبكم » فقال أبو قتادة : هما عليّ يا رسول الله ، قال : فصلّى عليه (٢).
فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمير المؤمنين بعد أن ضمن عن الميّت بدينه « فكّ رهانك كما فككت رهان أخيك » دليل قاطع على أنّ الضمان يوجب براءة ذمّة المضمون عنه وسقوط الدين عن ذمّته ، وكذا صلاته صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ضمان أبي قتادة يدلّ على براءة ذمّة ذلك الميّت ، وإلاّ فأيّ فرق بين قبل ضمانه فيمتنع صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الصلاة عليه ، وبين بعد ضمانه فيصلّى عليه مع اشتغال ذمّة الميّت في كلتا الحالتين.
وأمّا حديث كون الضمان اشتقاقه من الضمّ ـ بتشديد الميم ـ فكلام شعري لا يليق بالذكر والإشكال عليه.
فالحقّ هو أنّ ذمّة المضمون عنه تبرأ بواسطة الضمان ، وينتقل الدين إلى ذمّة الضامن ، وهذا معنى كون الضمان ناقلا فالقول بأنّ الضمان ضمّ ذمّة إلى ذمّة بحيث يكون الدائن مخيّرا بين الرجوع إلى الضامن وبين الرجوع إلى المديون لا أساس له.
ثمَّ إنّه لا شكّ في أنّ الضمان بهذا المعنى لا بدّ وأن يكون بإنشاء الضامن تعهّده ، ولذلك عرّفوه كما في الشرائع (٣) والقواعد (٤) وغيرهما بأنّه عقد شرّع للتعهّد بمال ، إلى آخره.
فالمراد بهذا التعريف أنّ الضمان الذي هو عبارة عن التعهّد المذكور يحصل بهذا
__________________
(١) « الخلاف » ج ٢ ، ص ٧٩ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٥١ ، أبواب الضمان ، باب ٣ ، ح ٢.
(٢) « الخلاف » ج ٢ ، ص ٨٠ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ١٥١ ، أبواب الضمان ، باب ٣ ، ح ٣.
(٣) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ١٠٧.
(٤) « قواعد الأحكام » ج ١ ، ص ٧٧.