إن قلت : إذا امتنع الراهن من أداء دينه الأوّل مثلا ، أو أفلس ، فحيث يجوز بيع الرهن لاستيفاء حقه فلو لم يزد قيمة الرهن على الدين الأوّل فلا يبقى محلّ للاستيثاق من الدين الثاني.
قلنا : أوّلا أنّه ينقض عليه بأنّه لو تلف الرهن قبل حلول الأجل أيضا لا يبقى محلّ للاستيثاق ، ولا شكّ في صحّة الرهن وإن تلف فيما بعد ، ولا يشترط في صحّة بقاء العين المرهونة إلى زمان حلول الأجل وإمكان استيفاء الدين ببيعها.
وثانيا : بأنّه يجوز جعلها رهنا على الاثنين من أوّل الأمر بعقد واحد يقينا وبلا خلاف ، مع أنّه لا فرق في ورود هذا الإشكال بينهما ، لأنّه فيما إذا كان الرهن لدينين بعقد واحد إذا حلّ أجل أحد الدينين قبل الآخر ولم يؤدّ الراهن لفلس أو غيره ، فللمرتهن بيعه واستيفاء دينه منه ، فلا يبقى موضوع للاستيثاق من دينه الآخر.
وثالثا : حيث أنّ المفروض أنّ الدين الأوّل والثاني من شخص واحد ، فإذا كانت العين المرهونة قيمتها وافية بكلا الدينين فيستوفي الاثنين ، وإن كانت أقلّ فيكون حاله حال الرهن الذي يكون قيمته أقلّ من الدين ، ولا إشكال في صحّته إجماعا ، لأنّه يستوثق بذلك الرهن شطرا من ماله.
فرع : الرهن لازم من طرف الراهن وجائز من طرف المرتهن ، وادّعى في التذكرة الإجماع على ذلك (١) وقال في الجواهر : بلا خلاف أجده فيه (٢).
والدليل على ذلك ـ مضافا إلى الإجماع ـ أصالة اللزوم في جميع العقود العهديّة التي منها الرهن. وحيث التزم الراهن يكون ماله رهنا عند الدائن ووثيقة لماله ، فالتزامه بذلك يكون برعاية حفظ مال الدائن فيكون له حقّا على المديون ، فيجب
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ٢ ، ص ١٢.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٢٥ ، ص ٢٢١.