على المديون الوفاء بهذا الإلزام والوقوف عند ما التزم به ، فليس له التصرّف في العين المرهونة إلاّ بإذن المرتهن ولا إتلافها ولا نقلها بالنواقل الشرعيّة المنافية لحقّ المرتهن ، كلّ ذلك لأجل أنّ للمرتهن حقّ الاستيثاق من ماله بعد وقوع هذا العقد. وهذا معنى اللزوم من طرف الراهن.
وأمّا الجواز من طرف المرتهن من جهة أنّ لكلّ ذي حقّ إسقاط حقّه فللمرتهن أن يسقط حقّه ـ أي حقّ استيفاء دينه من الرهن ـ وله أن يبرئه فيسقط ما في ذمّته من الدين ، فلا يبقى محلّ وموضوع للرهن.
والحاصل : أنّ الراهن حيث التزم للمرتهن بإعطاء الوثيقة لدينه ، فأخذه من المرتهن أو التصرّفات المنافية لكونه وثيقة ـ من إتلافه أو نقله إلى الغير ـ لا يجوز بدون إذن المرتهن ، وإذنه في بعض الأحيان في مثل تلك التصرّفات المذكورة يكون كاشفا عن إسقاط حقّه ، أو إبرائه.
ثمَّ إنّه لو أبرأه عن بعض الدين الذي وقع الرهن عليه ، فهل يبطل الرهن بتمامه ، أو يبقى بتمامه ، أو يقسط بالنسبة إلى المقدار الباقي من الدين فيبقى ، والمقدار الساقط بالإبراء فيسقط؟ وجوه ، بل أقوال.
وكذلك تأتي هذه الاحتمالات أو الوجوه فيما لو أدّى بعض الورثة نصيبه من دين مورّثه ، فعلى التقسيط يلزم القول بفكّ نصيبه من العين المرهونة ، وعلى القول بعدم التقسيط وبقائه رهنا على الباقي من الدين لا ينفكّ شيء من الرهن.
وأمّا احتمال فكّ الرهن بتمامه بأداء بعض الدين أو إبراء البعض ، فبعيد إلى الغاية ، لأنّ الغاية من الرهن هو الاستيثاق من جميع ماله ، لا من بعض دينه.
أقول : الظاهر هو التقسيط فيبطل الرهن بالنسبة إلى المقدار الذي أدّى من الدين ، أو أبرأه الدائن من ذلك المقدار ، وذلك من جهة أنّ ظاهر عقد الرهانة أنّ كلّ جزء من أجزاء هذه العين المرهونة مقابل لما يماثله من أجزاء الدين المشاعة ، فنصفه مقابل