الرابع : أن يكون بمقدار أقلّ الأمرين من القوت المتعارف ومن أجرة عمله ، فالدليل على هذا القيد هو رواية هشام بن الحكم حيث يقول عليهالسلام فيها « ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجر فليأكل بقدر ذلك ».
والآية وإن كانت مطلقة من هذه الجهة ، لأنّ مفادها جواز الأكل بالمعروف وإن كان أكثر من أجرة المثل ، لكن هذه الرواية يقيّدها بما إذا لم يكن أزيد من أجرة المثل.
مضافا إلى أنّ أكله أزيد من أجرة المثل خلاف القواعد الأوّلية ، إذ في الكبير لا يجوز ذلك فضلا عن الصغير ، وكون هذا حكما تعبّديا في خصوص الصغير بعيد إلى الغاية.
أمّا لو كان قوت السنة أقلّ من أجرة المثل ، فالأخذ به من جهة أنّ مفهوم القضيّة الشرطيّة في قوله تعالى ( مَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ) هو أنّ أزيد من قوت السنة الذي هو الأكل بالمعروف لا يجوز ، فيقيّد به دليل استحقاق الأجير أجرة عمله ، وكأنّه قال : كلّ أجير يستحقّ مقدار أجرة عمله ويجوز له أكل ما يستحقّ من ناحية عمله ، إلاّ إذا كان عمله في إصلاح أموال اليتيم ، فإنّه لا يستحقّ ولا يجوز أكل أزيد من قوت ، ونتيجة ما ذكرنا هو استحقاق أقلّ الأمرين.
الكلام في منجّزات المريض
إنّ من المعلوم أنّ تصرّفات المريض نوعان : مؤجّلة بالموت ومعلّقة عليه ، وهي الوصيّة وقد تقدّمت بتفاصيلها ، سواء صدرت عن المريض أو الصحيح ، وذكرنا مقدارا مهمّا أعني ما هو محلّ الابتلاء من فروعها ، ومنجّزة وهي التي اصطلح عليها الفقهاء بإطلاق لفظ منجّزات المريض عليها.
والمنجّزات التي تصدر عن المريض إن لم تكن فيها محاباة ولم تكن من التبرّعات ، فلا كلام فيها ولا خلاف في البين.